للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الطلاق أحكام ومعان]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [كتاب الطلاق: يكره بلا حاجة، ويباح لها، ويسن لتضررها بالوطء، وتركها صلاةً وعفةً ونحوهما.

ولا يصح إلا من زوج ولو مميزاً يعقله.

ومن عذر بزوال عقله، أو أكره، أو هدد من قادر فطلق لذلك؛ لم يقع.

ومن صح طلاقه صح توكيله فيه وتوكله، ويصح توكيل امرأة في طلاق نفسها أو غيرها.

والسنة أن يطلقها واحدةً في طهر لم يجامع فيه، وإن طلق مدخولاً بها في حيض أو طهر جامع فيه؛ فبدعة محرم ويقع، لكن تسن رجعتها.

ولا سنة ولا بدعة لمستبين حملها، وصغيرة، وآيسة، وغير مدخول بها.

ويقع بصريحه مطلقاً، وبكنايته مع النية، وصريحه لفظ طلاق وما تصرف منه، غير أمر ومضارع ومطلّقة بكسر اللام.

وإن قال: أنت عليَّ حرام، أو كظهر أمي، أو ما أحل الله عليَّ حرام، فهو ظهار ولو نوى طلاقاً، وإن قال: كالميتة أو الدم، وقع ما نواه، ومع عدم نية ظهار، وإن قال: حلفت بالطلاق وكذب دين ولزمه حكماً.

ويملك حر ومبعَّض ثلاث تطليقات، وعبد اثنتين.

ويصح استثناء النصف فأقل من طلقات ومطلقات.

وشرطَ تلفظ، واتصال معتاد، ونيته قبل تمام مستثنًى منه، ويصح بقلب من مطلقات لا طلقات.

وأنت طالق قبل موتي تطلق في الحال، وبعده أو معه لا تطلق، وفي هذا الشهر أو اليوم أو السنة تطلق في الحال، فإن قال: أردت آخر الكل، قبل حكماً، وغداً أو يوم السبت ونحوه تطلق بأوله، فلو قال: أردت الآخر لم يقبل، وإذا مضت سنة فأنت طالق، تطلق بمضي اثني عشر شهراً، وإن قال: السنة، فبانسلاخ ذي الحجة] .

الطلاق في اللغة: يراد به فك الشيء المربوط، وحلّ الرباط ونحوه، يقولون: أطلق البعير فهو مطْلَق ومطَلَّق؛ يعني غير مربوط بعد أن كان مربوطاً، طلّق رباط البعير أو الشاة ونحو ذلك؛ وسمي بذلك لأنه بعد حله ينطلق، يعني: يذهب حيث يريد.

والطلاق في الشرع: اسم لمفارقة الزوجة وإطلاق صراحها، سماه الله تعالى بذلك في قوله: {يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق:١] ؛ ولذلك تسمى هذه السورة: سورة الطلاق، وذكر أيضاً في البقرة في قوله تعالى: {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:٢٢٧] ، وفي قوله: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ} [البقرة:٢٢٨] ، وفي قوله: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة:٢٢٩] ، إلى قوله: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} [البقرة:٢٣٠] ، وغير ذلك من الآيات.

والمراد به: إطلاق صراح المرأة، فالزوجة بعد عقد النكاح يلزمها أن تكون مقيَّدة مع زوجها، فلا تقدر على معصيته في نفسها ولا أن تذهب إلا بإذنه، ويحل له الاستمتاع بها، فهي معه في عصمته وفي ذمته، فإذا كرهها فإن له رخصة في أن يفارقها، ويسمى هذا الفراق: طلاقاً.