[خيار الغبن]
النوع الثالث من أنواع الخيار هو: خيار الغبن، والغبن له ثلاثة أسباب: الأول: تلقي الركبان، فيشتري منهم ويغلبهم، فلهم الخيار إذا نزلوا إلى الأسواق فرءوا أنه غبنهم.
الثاني: الجهل بالسلع، كأن يأتي إلى صاحب الدكان فيقول: بكم هذا الثوب؟ بكم تبيعه؟ فيقول: كم تبذل؟ فيقول: عشرة.
فيقول: لا أبيعك.
فيقول: أحد عشر.
فيقول: لا.
فيقول: اثني عشر.
فيقول: لا.
ولا يزال يزيد ويعتقد أنه صادق، وهذا يسمى المسترسل، الذي لا يحسن أن يماكس.
ومثله -أيضاً-: لو زاد عليه البائع، فإن بعض الباعة يعتقد أن كل أحد يماكس، فإذا جاءه الجاهل قال له -مثلاً-: الثوب بعشرين.
ويشتري منه مباشرة، ولا يماكس ولا يراجع، ثم يتبين أنه باع الذي قبله بأحد عشر أو باثني عشر أو بخمسة عشر، فيقول: زاد علي الربع أو الثلث، فلي الخيار.
الثالث: زيادة الناجش، فإذا عرضت -مثلاً- السيارة للبيع بالمزاد العلني، وهناك إنسان يرغب فيها، فجاء إنسان لا يريد شراءها، ولكنه يريد نفع البائع، فجعل يزيد عليك، فإذا قلت -مثلاً-: بعشرة آلاف.
قال: بأحد عشر ألفاً.
فإذا قلت: باثني عشر.
قال: بثلاثة عشر.
فإذا قلت: بأربعة عشر.
قال: أنا أشتريها بخمسة عشر.
وهو لا يريدها، وإنما يريد زيادة الثمن لنفع البائع، فإذا تبين للمشتري أنه غبن، وأن سبب الغبن زيادة هذا الناجش، فإن له الخيار، فهو يقول: عرفت أنها لا تساوي هذه، وإنما ظننت أن هذا الذي يزيد صادق، وأنه عازم على شرائها، وتبين لي أنه ما أراد إلا إغراري أو نفع البائع.
هذه ثلاث صور للغبن: تلقي الركبان، وزيادة المسترسل، وزيادة الناجش.
ويمكن أن يكون هناك غبن يسير، فإذا كان الغبن -مثلاً- خمسة في المائة أو أربعة في المائة وما أشبه ذلك، فإنه يتسامح في مثل هذا، أما إذا كان الغبن الثلث أو الربع أو شيئاً كثيراً فلا يتسامح فيه، مثلاً: سيارة لا تساوي إلا أربعة آلاف، فزاد فيها ألفاً، أو ما أشبه ذلك، فلا شك أن هذا كله مما ينافي المصلحة، ومما ينافي النصيحة، والواجب أن البائع ينصح للمشترين، ويبين لهم الحقائق ولا يغلبهم، وكثير من الباعة يأخذون أموالاً لا تحل لهم بهذا، والواجب عليه أن يبيع على هذا وهذا بقيمة واحدة، يأتي العارف بالسلع فيقول: بكم هذه العمامة؟ فيعرف أنه عارف، فيقول: بعشرين.
ولا يزيد عليه، ثم يأتيه الجاهل فيقول: بكم هذه العمامة؟ فيقول: بأربعين.
فيقول: أسقط عني.
قال: أسقط عنك خمسة.
وإذا رحمه قال: أسقط عنك عشرة.
فيشتريها بثلاثين، فيبيع لهذا العارف بعشرين، ولهذا الآخر بثلاثين، فيكون قد أضر بهذا الجاهل، والواجب أن يسوي بينهما، وأن ينصح لهذا الجاهل، وهكذا في جميع السلع.