للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[تعريف اللقطة]

التعريف: هو النداء عليها في مجامع الناس غير المساجد حولاً كاملاً، كما في حديث زيد بن خالد يقول: (ثم عرفها سنة) ، أي: حولاً كاملاً.

أي: سنة هلالية، ينادي عليها في الأسواق وأبواب المساجد ولا يذكر صفتها كلها، فإذا كانت دراهم، قال: من فقد نقوداً؟ ولا يقول: من فئة مائة، أو من فئة خمسمائة، فإذا جاء صاحبها، فإنه لا بد أن يصفها أنها من فئة ريال أو من فئة خمسة -مثلاً- أو أنها في خرقة مثلاً، أو في بوك، أو ما أشبه ذلك ويصف عفاصها.

أي: خرقتها التي هي فيها، وكذلك: إذا كانت حلياً، يقول: من فقد الحلي؟ والحلي إذا جاء صاحبه قال: صفه لنا؟ فإن قال مثلاً: قلائد أو أسورةً أو خواتيم، أو أقراطاً، فإذا وصفها ووصف عددها كم هي؟ وزنتها، وهكذا أيضاً: يذكر جنسها إذا كانت -مثلاً- أطعمة، أي نوع من الطعام؟ من الأرز، من أي نوع من التمر؟ من أي نوع من الثياب؟ طولها وعددها، فلا بد أن يذكر ذلك، الذي يأتي ويصفها.

ثم بعدما يمضي الحول، يملكها حكماً، أي: يحكم بأنها للملتقط؛ لأنه جاء في الحديث: (إن جاء صاحبها وإلا فهي لك) ، ويدخلها في ماله، ولكن بعد أن يكتب أوصافها، وكذلك إن كانت من الدواب، من الغنم أو من أولاد البقر أو أولاد الإبل، فإنه يذكر أوصافها ولونها وسنها عندما وجدها، وإن كانت من الدراهم كتب أوصافها في دفتر مثلاً، وكذلك: بقية أوصافها ونحوه.

ويحرم تصرفه فيها، قبل معرفة ذلك، لقوله عليه الصلاة والسلام: (اعرف عفاصها، ووكاءها، ثم عرفها) ، وعاءها: الخرقة التي هي بها إن كانت دراهم، وكذلك إن كانت حلياً، وكذلك نوع الكيس.

(وكاءها) يعني: الخيط الذي تربط به.

(وعفاصها) يعني: الإناء التي هي فيه، والعفاص: هو الوعاء أو الخرقة، (وقدرها) .

يعني: عددها، مائة أو ألف أو نحو ذلك.

(وجنسها) : أنها من فئة مائة أو من فئة خمسين أو من فئة مائتين، ولا يلزم أن يعرف أرقامها.

يعني: نفس العملات الآن فكل ورقة لها رقم، والإنسان لا يستحضر أرقامها، ومتى جاء صاحبها فوصفها لزم دفعها إليه ولو بعد عشر سنين أو عشرات السنين.

ثم يقول: (ومن أخذ نعله ووجد غيره مكانه فلقطة) ، وكذلك: من أخذ ثوبه في حمام أو نحوه فوجد ثوباً غيره فإنه لقطة، ولكن في هذه الحال، إذا تحقق أن صاحب هذه النعل هو الذي أخذ نعله، فإنه يأخذ قدر نعله من هذه النعال، وإذا كانت متقاربة أو متساوية فإنه يلبسها إلى أن يجيء صاحبها.

وكثير من الناس يلتقط اللقطة، ثم يكتمها لمدة شهر أو شهرين أو أشهر، ثم بعد ذلك يسأل، ويقول: وجدت لقطة، كيف أعرفها؟ فنقول له: قد أخطأت؛ وذلك لأنك كتمتها في هذه المدة، وصاحبها يهتم بها في الأسبوع الأول، وفي الشهر الأول، ويتسمع الأخبار، فإذا لم يسمع من ينشدها ولا من يعرفها أيس منها، وظن أنها سرقت، وأن الذي أخذها يخفيها ولا يبديها.

فالواجب أن يبدأ في التعريف من اليوم الأول الذي وجدها فيه، ففي الأسبوع الأول يعرفها في كل يوم مرتين أو ثلاث مرات، ويكون التعريف في الأسواق وفي المجتمعات، وعند أبواب المساجد وإذا لم يقدر فإنه يؤجر من يعرفها، وأجرتها تكون منها.

يقول مثلاً: يا فلان! عرف لقطة من ذهب أو من نقود أو ما أشبه ذلك، ففي الأسبوع الأول يعرفها كل يوم مرتين، ثم في الأسبوع الثاني يعرفها كل يوم مرة، وفي الثالث كل يومين مرة، وفي الرابع كل أسبوع مرتين، ثم بعد ذلك، يعرفها بقية السنة، في كل أسبوع مرة، كيوم الجمعة مثلاً، وفي هذه الأزمنة يمكن أن يكتفى بالإعلانات ويعلن عنها في الصحف، ويعلن عنها في الإذاعة وغيرها، ويكون ذلك مما يلفت انتباه صاحبها في تتبع الإعلانات.

وكذلك أيضاً: يكون التعريف في الأماكن القريبة من مكانها الذي سقطت فيه، فإذا وجدها في السوق، فإنه يعرفها في هذا المكان وما قرب منه، وإذا وجدها في طريق عرفها قريباً منها، وكثيراً ما يسقط من السيارات -السيارات الناقلة- يسقط منها بعض الأمتعة فتحتاج إلى تعريف، ففي هذه الحال يعرفها في الأماكن التي يظن أن صاحبها يهتم بها ويأتي إلى ذلك المكان، فهذا الذي كتمها شهراً أو أشهراً، ثم بدأ يعرفها هل يملكها بعد السنة؟ نقول: لا يملكها، بل تكون عنده كأمانة أو يدفعها إلى بيت المال أو إلى القضاة أو ما أشبه ذلك، ويستثنى من ذلك أيضاً: لقطة الحرم، فقد ورد فيها ما يدل على آكدية تركها، فلا تلتقط لقطتها، وإذا التقطت فإنها لا تملك، بل تبقى، حتى يجد صاحبها، فإن لم يجده فإنها توضع في رتاج الكعبة، يعني: في مصلحة البيت الحرام، لئلا يتهاون بها.