قال:[ومن اختار الدية أو عفا مطلقاً أو هلك جانٍ تعينت الدية] .
العفو مطلقاً إذا قال: قد عفوت ولم يقل: عن كذا وكذا، فينصرف العفو إلى أكبر المطالب وهو القصاص، وإذا قال: عفوت عن القصاص لا تسقط الدية؛ لأن عفوه يكون عن القصاص الذي هو المطلب الأكبر، وعليه يدل القرآن في قوله تعالى:{فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ}[البقرة:١٧٨] يعني: عفي لذلك القاتل من أخيه الذي هو ولي المقتول {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ}[البقرة:١٧٨] ، ومعنى ذلك أن الولي أو الأولياء إذا قالوا: قد عفونا سقط القصاص وبقيت الدية، فهذا المعفو عنه عليه أن يحرص على الأداء، فيؤدي الدية بالمعروف، يقول تعالى في هذه الآية:{فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ}[البقرة:١٧٨] ، والاتباع من الأولياء، والأداء من القاتل أو من أولياء القاتل، والمعنى: إذا عفا أولياء القتيل عن القصاص فإن عليهم أن يتبعوا ذلك القاتل بالمعروف، فلا يشددون عليه، ولا يزيدون عليه زيادة تجحف بماله أو تعجزه وتعجز أسرته، وإذا قسّطوا الدية فلا يطلبوها قبل حلولها، وما أشبه ذلك.
قال تعالى:{وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ}[البقرة:١٧٨] يعني: أيها القاتل أو أسرته! أدوا إلى ولي القتيل الدية بإحسان بدون مماطلة.
فالآية في العفو عن القصاص وبقاء الدية، فهذا معنى إذا عفا مطلقاً، فإذا قال: أريد الدية، أو قال: عفوت انصرف العفو إلى القصاص وبقيت الدية.