ذكر المصنف بعد ذلك المسنونات فقال:(يسن أن يستجمر ثم يستنجي بالماء) .
يعني: يجمع بينهما، فيبدأ بالاستجمار الذي هو التمسح بأحجار أو نحوها، ثم يستنجي بالماء، ويجوز أن يقتصر على أحدهما، فإن اقتصر على أحدهما فالاقتصار على الماء أفضل، وإن جمعهما بدأ بالاستجمار ثم الاستنجاء.
والاستجمار يسن فيه أن يمسح ثلاث مسحات، إما بالمناديل المعروفة، وإما بالأحجار أو نحوها، يمسح ثلاث مسحات منقية للمخرجين: لمخرج البول ومخرج الغائط.
ولا يجوز الاستجمار إلا بطاهر مباح يابس منقٍ، فلا يستجمر بالنجس، يعني: بالأشياء النجسة، سواء كانت مائعة أوسائلة، فلا يستجمر ولا يتمسح بعظام الميتة أو لحمها ولو يابساً، أو دم متجمد، أو روث حمار أو نحوه، وكذلك لا يغتصب شيئاً يستجمر به، ولا يستجمر إلا بالشيء اليابس؛ لأنه إذا استجمر بالرطب لن يحصل به النقاوة، والعادة أن الاستجمار لا يكون إلا بالأحجار اليابسة أو بالمناديل والخرق والأعواد ونحوها، ولابد أن يكون منقياً، والذي لا ينقي مثل الشيء اللزج ونحوه.
ويحرم الاستجمار بالروث والعظم لما جاء في الحديث:(أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن الاستجمار بالروث والعظم وقال: إنهما لا يطهران) ، وفي حديث آخر علل بأنهما طعام الجن، وأن الروث علف لدوابهم، وإذا كان يحترم طعام الجن من العظام فإن طعام الإنس أولى كالخبز اليابس ونحوه، وكذلك كل محترم، فلا يتمسح بأوراق كتب علم أو بغلاف كتاب أو ما أشبه ذلك.
وكذلك كل متصل بحيوان، فلا يتمسح بذنب بقرة أو برجلها ونحو ذلك.
ويجزئ الاستجمار وحده بشرط: ألا يتجاوز الخارج موضع العادة، فإذا انتشر الغائط على صفحات الإليتين فلا ينقى إلا الماء، وكذلك البول إذا ترطب به رأس الذكر والحشفة ونحو ذلك فلابد من الماء.
والاستجمار يكون بثلاث مسحات منقية فأكثر، ويسن قطعه على وتر، كما ورد في حديث:(ومن استجمر فليوتر، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج) ، فإذا استنجى باثنتين جعل ثالثة حتى تكون وتراً، فإذا لم ينق إلا بأربع زاد خامسة، فإذا لم ينق إلا بست زاد سابعة، هذا معنى فليوتر.