قوله:(وفرض قريب منها إصابة عينها وبعيد جهتها) : أي: القريب الذي في مكة وفي حدودها يلزمه أن يحدد جهة الكعبة فيتوجه إلى عينها، وأما البعيد الذي في الجهات البعيدة كهذه البلاد وما حولها، وخارج المملكة فيكفيهم أن يتوجهوا إلى جهتها؛ لأن الجهات مثلاً أربع: جهة المشرق، وجهة المغرب، وجهة الشمال، وجهة الجنوب، فهذه الجهات الأربع يكفي إذا توجه إلى الجهات التي هي فيها، ولو مال عنها يمنة أو يسرة؛ وذلك لأن الجهات التالية ورد فيها حديث في السنن أنه صلى الله عليه وسلم قال:(ما بين المشرق والمغرب قبلة) بالنسبة إلى أهل المدينة؛ لأن قبلتهم في جهة الجنوب، ويقول: هذه الجهة التي هي القبلة إذا مال عنها قليلاً، ولم يكن إلى جهة الغرب، أو مال عنها يساراً، ولم يكن إلى جهة الشرق، فما بين الجهتين كله قبلة، يقال في هذه البلدة -أي: في الرياض- ما بين الشمال والجنوب قبلة، أي: أنت على قبلة ما لم تستقبل الشمال وتستقبل الجنوب، ولكن مع ذلك يحرص على تحري الإصابة.
قوله:(ويعمل وجوباً بخبر ثقات بيقين) أي: إذا أخبرك موثوق أن هذه القبلة فاعمل به ولو كان واحداً.
قوله:(وبمحاريب المسلمين) أي: إذا كنت مسافراً ودخل عليك الوقت، ورأيت محراباً موجهاً إلى القبلة في بلاد الإسلام فاعمل به.
قوله:(وإن اشتبهت في السفر اجتهد عارف بأدلتها) : إذا اشتبهت عليه في السفر فإنه يجتهد بعلامتها كمطالع الشمس والقمر، ومنازل النجوم؛ فإن الذي يعرف النجوم يعرف أن نجماً يطلع من جهة الشرق، وآخر يطلع من جهة كذا ويعرف -مثلاً- أن نجم سهيل يطلع من جانب من المشرق، وأن نجماً يقال له الثريا يطلع من وسط المشرق، وكذلك بقية النجوم يعرفها بالمنازل فيجتهد.
قوله:(وقلد غيره) : من كان لا يعرف فإنه يقلد العارف، وإذا صلى بلا اجتهاد وهو قادر على أن يجتهد فأخطأ فعليه القضاء مطلقاً، وذلك لأنه لم يأت بشرطها.