[حرمة الشهادة إلا بعلم]
يقول: (يحرم أن يشهد إلا بما علم) .
لا يجوز الشهادة إلا بعد التثبت قال الله تعالى: {وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ} [يوسف:٨١] ، فلا بد أن يشهد عن علم، وبأي شيء يحصل العلم؟ بالرؤية، أو السماع، أو الاستفاضة عن عدد يقع بهم العلم بما يتعذر علمه غالباً بغيرها، كنسب وموت ونكاح وطلاق ووقف ومصرفه.
مثال الرؤية أن يقول: نعم أنا رأيته عندما ضرب فلاناً، أنا رأيته عندما انتهب مالاً، أو اغتصب كيساً، أو نحو ذلك، أنا رأيته رأي العين، أنا رأيته عندما طعنه بسكين، أنا رأيته يسوق سيارة واصطدم بشجرته أو بجداره فهدمه، فيشهد بما علم.
كذلك السماع يقول: أنا سمعته يقول: بعني بدين فقال: بعتك بألف ديناً إلى شهر أو إلى شهرين وشهدته عندما أخذ السلعة وحملها، أو سمعته وهو يعترف أن عندي لفلان ألف ريال، أو عندي لفلان مائة دينار، أو ألف درهم، أو نحو ذلك، سمعت ذلك سماعاً يقينياً، فيشهد بالسماع.
إذا لم يسمع ولم ير ولكن استفاض عن عدد كثير من الناس يعلم بهم ما يتعذر علمه كما لو قال: أنا أشهد أن هذا ولد هذا، فيقال: هل رأيته عندما ولد على فراشه؟ فيقول: ما رأيته، ولكن أنا عرفته وعمره عشر سنين وهو يمشي معه ويقول: هذا ولدي، والناس يقرونه، ويدعوه ويقول: هذا أبي وأنا أشهد أن هذا ولده، أو أن هذا أبوه، أو أشهد أن هذا أخوه، فيقال: هل رأيته عندما ولد؟ فيقول: لا ما سمعته ولا رأيته، ولكن بالاستفاضة عن الناس، فكلهم يقولون: فلان بن فلان، وفلان أبو فلان.
وكذلك الشهادة بالوفاة: هل تشهد أنه توفي؟ أنا ما رأيته عندما خرجت روحه، ولكن كثير من أهل البلد أخبروني أنه توفي، ولكني لم أحضر روحه عندما خرجت، فأشهد بالاستفاضة، سمعت من فلان وفلان وفلان وكلهم شيعوه، وعزوا أهله، وصلوا عليه، وهم أعداد كثيرة، أشهد بذلك.
وكذلك أيضاً إذا شهد بأن هذه زوجة فلان، أو شهد بأن فلاناً قد زوج ابنته فلانة لفلان، فيقال: هل حضرت العقد؟ فيقول: ما حضرته، ولكن انتشر الخير بين الناس، ورأيتهم يهنئون هذا، ويبركون له، ورأيتهم حضروا احتفاله بالزفاف، واشتهر بينهم أنه أخذ زوجته، وأنه دخل بها، أشهد بذلك وإن لم أحضر، فله أن يشهد بالاستفاضة.
وكذلك الطلاق: إذا قال: أشهد أنه طلق، فيقال: هل سمعته عندما طلق؟ فيقول: ما سمعته ولكن انتشر الخبر، وقد ذكره فلان لفلان وهم عشرة أو عشرون وكلهم يقولون: إن فلاناً طلق زوجته، وانتشر الخبر في البلد، فأنا أشهد بالانتشار.
وكذلك الوقف: هل سمعته عندما أوقف هذه الدار وقال: هذه الدار وقف؟ فيقول: لا.
ما سمعته، ولكن انتشر ذلك بين الناس، وكلهم يقول إنه أوقف هذه الدار أو هذا البستان، أو المزرعة، أو النخلة وكلهم يقول: هذه وقف، أوقفها فلان.
فيشهد وإن لم يحضره عندما أوقفها ولا سمعه، ولكن انتشر الوقف في البلد، وكل الناس يعرفون أن هذا الوقف مصرفه في كذا وكذا.