قال المصنف رحمه الله:(وإذا طلق حر من دخل أو خلا بها أقل من ثلاثٍ، أو عبدٌ واحدةً لا عوض فيهما، فله ولولي مجنون رجعتها في عدتها مطلقاً) .
يعني: إذا طلق الحر واحدة، وابتدأت في العدة فله أن يراجعها ما دامت في العدة، وسيأتينا أقسام المعتدات، يقول الله تعالى:{يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}[الطلاق:١] أي: طلقوهن في زمن يستقبلن العدة، ويقول تعالى:{الطَّلاقُ مَرَّتَانِ}[البقرة:٢٢٩] يعني: الطلاق الرجعي الذي يملك رجعتها، ثم قال:{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ}[البقرة:٢٢٨] أي: الزوج أحق برد الزوجة في هذه المدة التي طلق فيها واحدة أو طلق اثنتين، فإذا طلقها الطلقة الأولى راجعها في العدة، إذا كانت عدتها ثلاث حيض، الحيض الثلاث عادة تكون في ثلاثة أشهر، غالب النساء تحيض في كل شهر مرة، ففي هذه الحال يطلقها قبل الحيضة الأولى، وبعدها قبل الحيضة الثانية، وبعدها قبل الحيضة الثالثة، وله أن يراجعها في هذه المدة، حتى قال بعضهم: لو راجعها بعدما طهرت من الحيضة الثالثة، وقبل أن تغتسل، صحت رجعتها، حتى ذكروا: أن رجلاً طلق امرأته وتركها، ولما طهرت من الحيضة الثالثة وأخذت ماءها وسدرها، وتجردت للاغتسال، فقبل أن تغتسل طرق الباب عليها وقال: يا فلانة! إني راجعتك.
فقالت: إني قد حضت ثلاث حيض، فترافعا إلى بعض الصحابة فأثبت الرجعة.
وهكذا بعد الحيضة الثانية قبل الحيضة الثالثة أو قبل الطهر منها، إذا كان الطلاق رجعياً.
ومتى يكون الطلاق رجعياً؟ إذا طلق حر أو عبد واحدة، أو طلق اثنتين وهو حر، فإن الطلاق رجعي، وتسمى المرأة: رجعية، يعني: تصح رجعتها، هذا سبب تسميتها رجعية: أنه يقدر على مراجعتها، وإذا راجعها فإنها على ما بقي لها من الطلقات، إذا طلقها وهو يملك ثلاثاً، طلق واحدة ثم راجعها بدون عقد، أو تركها إلى أن انتهت عدتها ثم جدد العقد، فإنه يبقى له طلقتان، فإذا طلق الثانية ثم راجعها وهي في العدة بدون عقد أو بعد العدة بعقد جديد، ثم استعادها ورجعت إليه، حتى ولو بعد الزواج من آخر، فإنه لا يبقى له إلا واحدة؛ لأنه قد طلق اثنتين، فيبقى له طلقة واحدة.
كذلك العبد إذا طلق واحدة فإن له أن يراجعها في العدة، وله أيضاً أن يؤخر رجعتها ويجدد العقد بعد انتهاء العدة، إذا كانت زوجته أمة فعدتها طلقتان، وهو ما يملك إلا طلقتين، فإذا طلق طلقتين حرمت عليه.
إذا كانت الزوجة أمة والزوج حر ملك ثلاث طلقات، وإذا كان الزوج عبداً والمرأة حرة لم يملك إلا طلقتين، هكذا الفرق بين الحر والعبد.
فإذا كان الزوج الذي طلق قد دخل بزوجته أو خلا بها، وكان طلاقه واحدة أو اثنتين، أو كان طلاق العبد طلقة واحدة، وكان الطلاق بغير عوض، فله الرجعة.