ثم ذكر أن للأم ثلث الباقي في العمريتين، وهما: أبوان وزوج أو زوجة، فللأم ثلث الباقي تمشِّياً وتأدباً مع القرآن، لأن القرآن فرض لها الثلث إذا لم يكن هناك ولد ولا جمعٌ من الإخوة، ففي هذه الحال إذا كان في المسألة أحد الزوجين وأب وأم فكيف نعطيها أكثر من الأب، الأب عادة ما يأخذ أكثر منها، فإذا كان معها زوج وأعطينا الزوج النصف ثلاثة من ستة، وأعطينا الأم الثلث اثنين من ستة، ما بقي للأب إلا واحد وهو سدس.
فرأى عمر بن الخطاب أنها تعطى ثلث الباقي بعد الزوج، ففي هذه الحال يكون لها سدس، وللأب مثلها مرتين، وللزوج النصف، وهذا يسمى ثلث الباقي تأدباً مع القرآن، إذا أخذ الزوج النصف ثلاثة من ستة بقي عندنا ثلاثة أسهم، للأم ثلث الثلاثة واحد وللأب مثلاها.
فهذه إحدى العمريتين.
الثانية: زوجة وأبوان، فالزوجة لها الربع ويبقى ثلاثة، فللأم ثلث الباقي وللأب الباقي.
الباقي بعد الزوجة ثلاثة أرباع، فتأخذ الأم ثلث الباقي وهو في الحقيقة ربع، وسميناه ثلث الباقي تأدباً مع القرآن، ويأخذ الأب الباقي.
هذا هو قول عمر رضي الله عنه، فقد اشتهر أنه أفتى في هاتين المسألتين، وتبعه الصحابة وأجمعوا على ذلك، وسميتا بالعمريتين نسبة إلى عمر لأنه الذي أفتى بذلك، كأنه رأى أن الأم عادة ما تأخذ نصف الأب، كما أن البنت تأخذ نصف الابن، وكما أن الزوجة تأخذ نصف ما يأخذه الزوج، فلذلك قالوا نعطيها في هذا نصف الأب.
وكأنهم جعلوا معنى قوله تعالى:{فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ}[النساء:١١] ، أي لم يرثه إلا أبواه {فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ}[النساء:١١] أي: في هذه الحال، فأما إذا كان هناك ورثة غير الأبوين كزوج أو زوجة فإنها لا تأخذ الثلث وإنما تأخذ مثل نصف الأب.
هذا رأيهم.
وذهب الظاهرية إلى أنها تأخذ الثلث كاملاً في العمريتين، وقالوا: إن العادة أنها تأخذ فرضها كاملاً، وذلك للعمل بالحديث:(ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر) ، فعندنا الزوج يأخذ النصف فرضاً، والأم فرضها الثلث، وما بقي هو سدس، فيأخذه أولى رجل وهو الأب.