قال رحمه الله:(وصلاح بعض ثمرة شجرة صلاح لجميع نوعها الذي في البستان) .
قد ذكرنا في باب الربا أن التمر جنس تحته أنواع، فنوع يسمى الصُفري، ونوع يسمى الخضري، ونوع يسمى السكري، ونوع يسمى الإبراهيمي أو المنيفي وما أشبهها، فإذا بدا صلاح شجرة من الصفري جاز بيعها وبيع بقية الصفري الذي في هذا البستان؛ لأن العادة أنه يتقارب نضجه، هذا معنى قوله: لجميع نوعها الذي في البستان، لا لجميع النخل، فإن بعضها قد يتأخر مثل ما يسمى بالخصار، وما يسمى بالحلأ، فقد يتأخر نضجه؛ فلذلك لا يكون صلاحاً إلا لذلك النوع لا لجميع الجنس.
والعنب أنواع، منه ما يكون أسود، ومنه ما يكون أخضر، فصلاح بعض الأخضر صلاح لجميع نوعه.
ما علامة صلاح ثمر النخل؟ أن يحمر أو يصفر؛ وذلك لأنه أول ما يخرج يكون أخضر كلون الأوراق، فأوراق الشجر غالباً يكون أخضر، ولا يزال أخضر إلى أن يقرب من النضج ثم ينقلب، فبعضه يكون أصفر، وبعضه يكون أحمر كما هو مشاهد، فإذا احمر أو اصفر جاز بيعه، وصار ذلك علامة على بدو صلاحه.
وأما العنب فبعضه يبقى على لونه، وبعضه يكون أخضر ثم ينقلب أسود عند نضجه، فإذا انقلب أسود فإنه قد نضج، وجاز بيعه، والذي يبقى على خضرته بدو صلاحه أن يتموه بالماء الحلو، فماؤه يكون أولاً شديد الملوحة، ثم إذا بدا نضجه صار ماؤه حالياً.
وأما بقية الثمار فعلامة بدو الصلاح فيها النضج وطيب الأكل، فإذا بدا في الثمرة النضج وطاب أكلها، فقد بدت فيها علامة النضج، فالأترج ينقلب أصفر، وكذلك أيضاً البرتقال ينقلب أصفر، فهذا علامة على أنه قد بدا صلاحه، وكذلك الزيتون وما أشبهه إذا طاب أكله وبدا فيه النضج جاز بيعه.
وألحق بهذا بعض الأشياء وليست ثماراً وليست عقاراً، مثل بيع الدابة، فإذا باع ناقة، فيدخل في البيع عذارها ومقودها ونعلها؛ وذلك لأنه عادة يحتاج إليه، فكانوا يجعلون في فم البعير -جملاً أو ناقة- لجاماً، ثم يقودونها به، ويسمونه العذار، فيدخل في البيع، وكذلك يجعلون حبلاً يقودونها به ويسمونه الخطام، فهذا الخطام واللجام يتبعها في البيع، وكذلك أيضاً النعل، فالخيل يجعلون لها حذاءً، وبعض الدواب كالبقر والحمر تحتاج إلى حذاء يقي حوافرها من الحفا والحصى، فنعلها يتبعها.
أما إذا باع عبداً، والعبد عادة يكون له ثياب، فإذا كانت ثياباً للجمال، يلبسها في المناسبات، فهذه لا تتبعه في البيع، وأما الثياب العادية التي يلبسها عادة في الاشتغال وما أشبهه فإنها تدخل في البيع.