ذكروا أن التركة يتعلق بها خمسة أشياء: الأول: مئونة التجهيز، فإذا مات أخذ من تركته مئونة تجهيزه حتى يجهز، أي: ثمن الكفن، وأجرة الحفر، وما أشبه ذلك.
الثاني: الديون التي فيها رهن، المتعلقة بعين التركة، كشاة مرهونة فيأخذها الراهن أو يبيعها، وغير ذلك مما له أمثلة كثيرة.
الثالث: الديون المطلقة، فلابد من إيفائها قبل قسمة التركة.
الرابع: الوصية.
الخامس: تقسيم التركة على الورثة.
وذكروا هنا أن الوصية تؤخر عن الدين، مع أن الله تعالى ذكر الوصية قبله، في قوله:{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ}[النساء:١٢] لماذا قدم الله الوصية؟ لأنها قد تكون ثقيلة على الورثة، فقدمها للاهتمام بها، أما الدين فإنه حق لإنسان، وصاحبه يطالب به، وهو يطالب بحق، فلذلك قدم من حيث الترتيب، ولأن الميت قد استهلكه، أي: استدان طعاماً وأكله أو ثوباً ولبسه، فهو قد استهلك ثمن ذلك الدين، فلا جرم أن يقدم صاحب الدين على صاحب الوصية.
فإذا ضاقت التركة بدئ بهذه الأشياء، فيقدم تجهيز الميت إن لم يوجد من يتبرع به، فإن فضل شيء من المال قدم الدين الذي فيه رهن، كالشاة المرهونة أو السيف المرهون، فإذا أخذها المرتهن وبقي شيء من المال قدمت بقية الديون، فإن بقي شيء أخذه الموصى له، وإن لم يبق شيء من المال سقط الموصى له.