للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ما يثبت به حكم الرضاع]

وإذا ارتضع اثنان من امرأة أجنبية ليست أماً لواحد منهما فإنهما يكونان أخوين من الرضاعة، ودليل ذلك: قصة عقبة بن عامر، يقول: إني تزوجت أم يحيى بن أبي إهاب، فجاءتنا أمة سوداء، وقالت: إني قد أرضعت عقبة والتي تزوج.

فتوقف في ذلك عقبة وقال: لا أعرف أنك أرضعتني.

فأصرت وقالت: بلى، قد أرضعتك وأرضعتها.

بمعنى أنها لا تحل له لأنها أخته، وإن لم يكن رضعت من أمه ولا رضع من أمها، ولكن رضعا جميعاً من امرأة أخرى.

وتذكرون في القصة أن عقبة كان بمكة، ثم إنه رحل إلى المدينة، والنبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، يقول: فسألته فأعرض عني، فسألته وقلت: إنها كاذبة.

فقال: (كيف وقد ادعت أنها أرضعتكما! دعها عنك) فطلقها وفارقها عقبة، وتزوجت غيره.

فيقولون: يثبت بإخبار مرضعة مرضية، وبشهادة عدل مطلقاً رجل أو امرأة؛ لقصة عقبة هذه، فإن امرأة واحدة تقبل شهادتها، سواء كانت هي المرضعة أو غيرها، وإذا جاءت امرأة وقالت: أشهد أن هذا الطفل أو هذا الشاب قد رضع من لبن فلانة امرأة سمتها.

أو جاء رجل وقال: أشهد أن هذا الطفل أو هذا الشاب قد رضع من لبن فلانة، فإنه يقبل قوله، أي: يثبت الرضاع بشهادة امرأة واحدة، أو بشهادة رجل واحد، أو بشهادة المرضعة نفسها؛ وذلك لأنه لا يعلم إلا من قبلها، فيترتب على ردها عدم ثبوت الرضاع.

والأصل أن الرضاع غالباً يكون خفياً، وليس هناك شهود، ولا يوجد رجال يقولون: نشهد أنا رأينا هذه المرأة ترضع هذا الولد، والغالب أنه شيء يختص بالنساء، وذكروا في الشهادات أن النساء تقبل شهادتهن في الأشياء التي لا يطلع عليها الرجال غالباً، فإذا جاءت المرضعة وأخبرت بأنها قد أرضعت هذا الطفل قبل قولها، أو جاءت امرأة وقالت: إنها قد أرضعت هذا أو هذه قبل قولها، أو شهد بذلك شاهد واحد.

ومسائل الرضاع مسائل كثيرة توسع فيها العلماء، ولكن المؤلف اقتصر على أهمها.