ويكون القصد منه الإرفاق والتوسعة على المستقرض، والعادة أنه لا يقترض إلا من حاجة، والمقترض هو الذي يأتي فيقول: أقرضني.
والعامة يعبرون عنه بالسلف، فيقول: سلفني ألف ريال.
أو: سلفني عشرة آصع من البر.
أو: سلفني عشرة أذرع من القماش الفلاني.
هذا هو القرض، ورد فيه حديث ذكره صاحب بلوغ المرام وغيره:(ما من مسلم يقرض مسلماً مرتين إلا كان كصدقة عليه مرة) أي: له أجر الصدقة.
فإذا أقرضته مائتين فكأنك تصدقت عليه بمائة، مع أنه سوف يرد عليك المائتين؛ لأنها قرض سيردها عليك، ولكن لك أجر؛ لأنك وسعت عليه، حتى قال بعض العلماء: إن أجر القرض أعظم من أجر الصدقة.
وذلك لأن المستقرض محتاج، فلا يأتي إليك ويقول: أقرضني.
إلا وقد اشتدت حاجته، فهو في حاجة شديدة حيث لا يستطيع أن يشتري حاجته هذه، ولا يجد لها ثمناً، فكان إقراضه توسعة عليه، وهذا يدخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم:(من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة) ، فالمقرض محسن على المستقرض، والاستقراض لا يعد من المسألة المنهي عنها، التي ورد فيها الحديث:(لا تزال المسألة بالرجل حتى يقوم يوم القيامة وليس على وجهه بضعة لحم) ، فله أن يستقرض ولا يلحقه عيب؛ لأنه قد تشتد به الحاجة، ويمكن أن يكون له دين وتأخر وفاؤه فيستقرض حتى يحل الدين، أو نزل به ضيف واحتاج إلى إكرامه، فلابد أن يستقرض إلى أن يأتيه ماله أو نحو ذلك، فعرف بذلك أن الاستقراض ليس من السؤال المنهي عنه.