[حكم صلاة من نوى إقامة مطلقة أو أكثر من أربعة أيام]
من نوى إقامة مطلقة لموضع أو نوى أكثر من أربعة أيام أو ائتم بمقيم لزمه الإتمام، هذا هو المشهور عند الفقهاء: أنه إذا نوى إقامة من غير تحديد فإنه يتم، وإذا نوى أربعة أيام فإنه يتم بعدها، وإذا ائتم وصلى خلف مقيم فإنه يتم؛ وذلك لأنه لا فرق بينه وبين المقيمين، فإذا سافر إلى بلد كالرياض أو مكة أو جدة أو الدمام أو بريدة ونحوها من هذه المدن، واستقر إما في فندق وإما في شقة مثلاً استأجرها أو نحو ذلك وتمتع بما يتمتع به المقيمون، يعني: عنده الكهرباء وعنده الفرش وعنده السرر وعنده الطعام، وعنده السيارات التي تنقله إلى حيث يريد، وليس بينه وبين المقيمين فرق، فكيف تسقط عنه صلاة الجماعة؟! وكيف يقصر؟! هل يقال: إن هذا على سفر؟ ليس على سفر، هو مقيم مع المقيمين، وعليه الإتمام، أما إذا لم ينو إقامة محددة ولم يستقر في البلد، فإن له القصر ولو طالت المدة؛ لأن الفقهاء يعتبرون إقامة النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح ستة عشر يوماً أنه لم يكن عازماً على الإقامة، بل كان متهيئاً للسفر في أي يوم، فكان ذلك سبباً في استمراره على القصر.
وقيل: إن عذره كونه على أهبة السفر أو كونه كمسافر؛ لأنه ما استقر في البلد، ولا دخل البيوت، ولا استقر الصحابة أيضاً في المساكن ولا في بيوت المدر أو بيوت الطين، إنما منازلهم تحت ظل الشجر، أو تحت القباب الصغيرة أو الخيام أو البيت من الشعر يستظلون به، أو يستظلون في الكهوف، فهم في حكم المسافر بخلاف الذين يستقرون في داخل البلد، سواء استقر وسكن عند أخ له أو قريب له أو استأجر مكاناً في المدن المشهورة ونحوها، يمكن أن يقال: إن القرى ليس فيها فنادق وليس فيها شقق تؤجر، وأن الذي يأتي إليها لا يستقر فيها، إنما ينام في سيارته مثلاً، أو ينزل خارج البلد تحت شجرة أو عريش أو نحو ذلك، فيمكن أن هذا يقصر ولو طالت المدة.
أما إذا عزم على الإقامة الطويلة فإنه يقصر حتى ولو كان يسكن في فنادق أو في خيام أو نحو ذلك، هناك مثلاً بعض الجنود الذين يستقرون في أطراف المملكة ولو كانوا مرابطين، ولكن يعلمون أنهم يبقون هناك أشهر وربما نصف السنة أو أكثر، فمثل هؤلاء لا يقصرون؛ لأنهم ليسوا على سفر، فيلزمهم أن يتموا الصلاة، ومثلهم أيضاً الطالب الذي يأتي ويقيم خمسة أيام، سواء كان سكنه في الجامعة أو في خارجها، نقول: إنك لست مسافراً، ويلزمك الإتمام.
وكذلك الذي يملكون ما يسمى بالاستراحات أو بساتين تبعد عن الرياض مثلاً تسعين كيلو أو مائة كيلو، يذهبون إليها مثلاً يوم الخميس والجمعة، ولهم هناك بيوت، ولهم مساكن، فمثل هؤلاء لا يقال إنهم مسافرون، ولو غابوا عن البلد يوماً وليلة، أو يومين؛ لأنهم في ملكهم وفي بيوتهم وفي بلادهم، ولو كانوا لا يقيمون فيها إلا يومين، فليس لهم رخصة في أن يقصروا، يمكن أن يقال: لهم رخصة في القصر إذا جاءهم الوقت وهم في الطريق، فأما إذا وصلوا فإنهم مقيمون.