فَصْلٌ
فِي صِفَتِهَا
وَفِيهِ مَسَائِلُ:
إِحْدَاهَا: الْمَرِيضَةُ، إِنْ كَانَ مَرَضُهَا يَسِيرًا، لَمْ يَمْنَعِ الْإِجْزَاءَ وَإِنْ كَانَ بَيِّنًا يَظْهَرُ بِسَبَبِهِ الْهُزَالُ وَفَسَادُ اللَّحْمِ، مَنَعَ الْإِجْزَاءَ، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ. وَحَكَى ابْنُ كَجٍّ قَوْلًا: أَنَّ الْمَرَضَ لَا يَمْنَعُ بِحَالٍ، وَأَنَّ الْمَرَضَ الْمَذْكُورَ فِي الْحَدِيثِ الْمُرَادِ بِهِ الْجَرَبُ. وَحُكِيَ وَجْهٌ: أَنَّ الْمَرَضَ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا، وَحَكَاهُ فِي «الْحَاوِي» قَوْلًا قَدِيمًا. وَحُكِيَ وَجْهٌ فِي الْهُيَامِ خَاصَّةً، أَنَّهُ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ، وَهُوَ مِنْ أَمْرَاضِ الْمَاشِيَةِ، وَهُوَ أَنْ يَشْتَدَّ عَطَشُهَا، فَلَا تُرْوَى مِنَ الْمَاءِ.
قُلْتُ: هُوَ - بِضَمِّ الْهَاءِ - قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: هُوَ دَاءٌ يَأْخُذُهَا، فَتَهِيمُ فِي الْأَرْضِ لَا تَرْعَى. وَنَاقَةٌ هَيْمَاءُ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالْمَدِّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الثَّانِيَةُ: الْجَرَبُ، يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ، كَثِيرُهُ وَقَلِيلُهُ، كَذَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ؛ لِأَنَّهُ يُفْسِدُ اللَّحْمَ وَالْوَدْكَ. وَفِي وَجْهٍ: لَا يَمْنَعُ إِلَّا كَثِيرُهُ، كَالْمَرَضِ، وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ. وَالصَّحِيحُ: الْأَوَّلُ، وَسَوَاءٌ فِي الْمَرَضِ وَالْجَرَبِ، مَا يُرْجَى زَوَالُهُ، وَمَا لَا يُرْجَى.
الثَّالِثَةُ: الْعَرْجَاءُ، إِنِ اشْتَدَّ عَرَجُهَا، بِحَيْثُ تَسْبِقُهَا الْمَاشِيَةُ إِلَى الْكَلَأِ الطَّيِّبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute