بِهِ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ إِلَّا بِالنَّشْرِ، فَفِيهِ الْقَوْلَانِ. كَذَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ عَلَى طَبَقَاتِهِمْ مَعَ جَعْلِهِمْ بَيْعَ الثَّوْبِ الْمَطْوِيِّ مِنْ صُوَرِ بَيْعِ الْغَائِبِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الْأَئِمَّةُ لِهَذَا الْإِشْكَالِ إِلَّا مِنْ وَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا: ذَكَرَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ أَنَّ هَذَا الْفَرْعَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَصْحِيحِ بَيْعِ الْغَائِبِ. وَالثَّانِي: قَالَ صَاحِبُ «الْحَاوِي» وَغَيْرُهُ: إِنْ كَانَ مَطْوِيًّا عَلَى أَكْثَرِ مِنْ طَاقَيْنِ، لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ إِنْ لَمْ نُجَوِّزْ بَيْعَ الْغَائِبِ. وَإِنْ كَانَ مَطْوِيًّا عَلَى طَاقَيْنِ، صَحَّ؛ لِأَنَّهُ يَرَى جَمِيعَ الثَّوْبِ مِنْ جَانِبَيْهِ، وَهَذَا حَسَنٌ، لَكِنَّ الْمَطْوِيَّ عَلَى طَاقَيْنِ، لَا يَرَى مِنْ جَانِبَيْهِ إِلَّا أَحَدَ وَجْهَيِ الثَّوْبِ، وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِهِ تَفْصِيلٌ وَخِلَافٌ سَبَقَ. وَوَرَاءَ هَذَا تَصْوِيرَانِ.
أَحَدُهُمَا: أَنْ تَفْرِضَ رُؤْيَةَ الثَّوْبِ قَبْلَ الطَّيِّ، وَالطَّيُّ قَبْلَ الْبَيْعِ. وَالثَّانِي: أَنَّ مَا نَقَصَ بِالنَّشْرِ مَرَّةً، يَنْقُصُ بِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ. فَلَوْ نُشِرَ مَرَّةً، وَبِيعَ وَأُعِيدَ طَيُّهُ، ثُمَّ نَشَرَهُ الْمُشْتَرِي فَزَادَ النَّقْصُ بِهِ، انْتَظَمَ التَّصْوِيرُ.
فَصْلٌ
الْمَبِيعُ فِي الصَّفْقَةِ الْوَاحِدَةِ، إِنْ كَانَ شَيْئَيْنِ، بِأَنِ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَخَرَجَا مَعِيبَيْنِ، فَلَهُ رَدُّهُمَا، وَكَذَا لَوْ خَرَجَ أَحَدُهُمَا مَعِيبًا. وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ بَعْضِهِ إِنْ كَانَ الْبَاقِي بَاقِيًا فِي مِلْكِهِ، لِمَا فِيهِ مِنَ التَّشْقِيصِ عَلَى الْبَائِعِ، فَإِنْ رَضِيَ بِهِ الْبَائِعُ، جَازَ عَلَى الْأَصَحِّ. وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي زَائِلًا عَنْ مِلْكِهِ، بِأَنْ عَرَفَ الْعَيْبَ بَعْدَ بَيْعِ بَعْضِ الْمَبِيعِ، فَفِي رَدِّ الْبَاقِي طَرِيقَانِ.
أَحَدُهُمَا: عَلَى قَوْلَيْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ.
وَأَصَحُّهُمَا: الْقَطْعُ بِالْمَنْعِ، كَمَا لَوْ كَانَ بَاقِيًا فِي مِلْكِهِ.
فَعَلَى هَذَا، هَلْ يَرْجِعُ بِالْأَرْشِ؟ أَمَّا لِلْقَدْرِ الْمَبِيعِ، فَعَلَى مَا ذَكَرْنَا فِيمَا إِذَا بَاعَ الْكُلَّ. وَأَمَّا لِلْقَدْرِ الْبَاقِي، فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا: يَرْجِعُ، لِتَعْذُرِ الرَّدِّ، وَلَا يَنْتَظِرُ عَوْدَ الزَّائِلِ لِيَرُدَّ الْجَمِيعَ، كَمَا لَا يَنْتَظِرُ زَوَالَ الْعَيْبِ الْحَادِثِ. وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِيمَا لَوِ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ وَبَاعَ أَحَدَهُمَا ثُمَّ عَلِمَ الْعَيْبَ وَلَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute