قُلْتُ: الصَّوَابُ الْجَزْمُ هُنَا بِالتَّنْزِيلِ عَلَى الْمَقْطُوعَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ شَهِدَا بِمُوضِحَةٍ شَهَادَةً صَحِيحَةً، وَرَأَيْنَا رَأَسَ الْمَشْجُوجِ سَلِيمًا لَا أَثَرَ عَلَيْهِ، وَالْعَهْدُ قَرِيبٌ بِالشَّهَادَةِ، فَالشَّهَادَةٌ مَرْدُودَةٌ.
فَصْلٌ
سَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ مِنْ شَرْطِ الشَّاهِدِ أَنْ يَنْفَكَّ عَنِ التُّهْمَةِ، وَمِنَ التُّهْمَةِ أَنْ يَجُرَّ إِلَى نَفْسِهِ نَفْعًا، أَوْ يَدْفَعَ ضُرًّا، وَمِنْ صُوَرِ الْجَرِّ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى جُرْحِ مُورِثِهِ، فَإِذَا ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ أَنَّهُ جَرَحَهُ، وَشَهِدَ لِلْمُدَّعِي وَإِرْثِهِ، نُظِرَ، إِنْ كَانَ مِنَ الْأُصُولِ أَوِ الْفُرُوعِ، لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ لِلْبَعْضِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِمْ وَشَهِدَ بَعْدَ الِانْدِمَالِ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ شَهِدَ قَبْلَهُ، فَلَا، وَإِنْ شَهِدَ بِمَالٍ آخَرَ لِمُورِثِهِ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَلَوْ شَهِدَ بِالْجُرْحِ مَحْجُوبَانِ، ثُمَّ صَارَا وَارِثَيْنِ، فَالشَّهَادَةُ فِي الْأَصْلِ مَقْبُولَةٌ، فَإِنْ صَارَا وَارِثَيْنِ قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا، لَمْ يُقْضَ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ قَضَائِهِ، لَمْ يَنْقَضِ الْقَضَاءُ، كَمَا لَوْ شَهِدَ الشَّاهِدُ ثُمَّ فَسَقَ، وَقِيلَ: فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ، أحَدُهُمَا: هَذَا، وَالثَّانِي: الِاعْتِبَارُ بِحَالِ الشَّهَادَةِ، وَلَوْ شَهِدَ وَارِثَانِ ظَاهِرًا، ثُمَّ وُلِدَ ابْنٌ يَحْجُبُهُمَا، فَالشَّهَادَةُ مَرْدُودَةٌ لِلتُّهْمَةِ عِنْدَ أَدَائِهَا، وَقِيلَ بِطَرْدِ الْقَوْلَيْنِ، وَلَوْ شَهِدَ بِجُرْحِهِ وَارِثَاهُ فَبَرَأَ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا تَثْبُتُ الْجِرَاحَةُ لِلتُّهْمَةِ عِنْدَ الْأَدَاءِ.
وَمِنْ صُوَرِ دَفْعِ الضَّرَرِ: أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِقَتْلٍ خَطَأٍ، فَيَشْهَدُ اثْنَانِ مِنَ الْعَاقِلَةِ الَّذِينَ يَتَحَمَّلُونَ الدِّيَةَ عَلَى فِسْقِ بَيِّنَةِ الْقَتْلِ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا ; لِأَنَّهُمَا يَدْفَعَانِ عَنْهُمَا، فَلَوْ كَانَ الشَّاهِدَانِ مِنْ فُقَرَاءِ الْعَاقِلَةِ، فَالنَّصُّ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ كَانَا مِنَ الْأَبَاعِدِ، وَفِي عَدَدِ الْأَقْرَبِينَ وَفَاءٌ بِالْوَاجِبِ، فَالنَّصُّ قَبُولُ شَهَادَتِهِمَا، فَقِيلَ: قَوْلَانِ، وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ تَقْرِيرُ النَّصَّيْنِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَالَ غَادٍ وَرَائِحٌ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute