فَرْعٌ
فِي كَيْفِيَّةِ الْعَدْلِ بَيْنَ الْأَوْلَادِ فِي الْهِبَةِ، وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى. وَالثَّانِي: يُعْطِي الذَّكَرَ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ.
قُلْتُ: وَإِذَا وَهَبَتِ الْأُمُّ لِأَوْلَادِهَا، فَهِيَ كَالْأَبِ فِي الْعَدْلِ بَيْنَهُمْ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَكَذَلِكَ الْجَدُّ وَالْجَدَّةُ، وَكَذَا الِابْنُ إِذَا وَهَبَ لِوَالِدَيْهِ. قَالَ الدَّارِمِيُّ: فَإِنْ فَضَّلَ فَلْيُفَضِّلِ الْأُمَّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
لِلْأَبِ الرُّجُوعُ فِي هِبَتِهِ لِوَلَدِهِ. وَعَنِ ابْنِ سُرَيْجٍ: أَنَّهُ إِنَّمَا يَرْجِعُ إِذَا قَصَدَ بِهِبَتِهِ اسْتِجْلَابَ بِرٍّ أَوْ دَفْعَ عُقُوقٍ فَلَمْ يَحْصُلْ، فَإِنْ أَطْلَقَ الْهِبَةَ، وَلَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ، فَلَا رُجُوعَ وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ مُطْلَقًا، وَأَمَّا الْأُمُّ وَالْأَجْدَادُ، وَالْجَدَّاتُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ وَالْأُمِّ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُمْ كَالْأَبِ. وَفِي قَوْلٍ: لَا رُجُوعَ لَهُمْ. وَقِيلَ: تَرْجِعُ الْأُمُّ. وَفِي غَيْرِهَا، قَوْلَانِ. وَقِيلَ: يَرْجِعُ آبَاءُ الْأَبِ، وَفِي غَيْرِهِمْ قَوْلَانِ. وَلَا رُجُوعَ لِغَيْرِ الْأُصُولِ كَالْإِخْوَةِ، وَالْأَعْمَامِ، وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْأَقَارِبِ قَطْعًا. وَسَوَاءٌ فِي ثُبُوتِ الرُّجُوعِ لِلْوَالِدِ كَانَا مُتَّفِقَيْنِ فِي الدِّينِ، أَمْ لَا. وَلَوْ وَهَبَ لِعَبْدٍ وَلَدَهُ، رَجَعَ. وَلَوْ وَهَبَ لِمُكَاتَبٍ وَلَدَهُ، فَلَا. وَهِبَتُهُ لِمُكَاتَبِ نَفْسِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ. وَلَوْ تَنَازَعَ رَجُلَانِ مَوْلُودًا، وَوَهَبَا لَهُ، فَلَا رُجُوعَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا. فَإِنْ أُلْحِقَ بِأَحَدِهِمَا، فَوَجْهَانِ، لِأَنَّ الرُّجُوعَ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا ابْتِدَاءً.
قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا: الرُّجُوعُ، وَبِهِ قَطَعَ ابْنُ كَجٍّ، لِثُبُوتِ بُنُوَّتِهِ فِي الْأَحْكَامِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute