فَصْلٌ
الرِّبَاطَاتُ الْمُسْبَلَةُ فِي الطُّرُقِ وَعَلَى أَطْرَافِ الْبِلَادِ، مَنْ سَبَقَ إِلَى مَوْضِعٍ مِنْهَا صَارَ أَحَقَّ بِهِ، وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ إِزْعَاجُهُ، سَوَاءٌ دَخَلَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ، أَمْ بِغَيْرِهِ، وَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ بِالْخُرُوجِ لِشِرَاءِ طَعَامٍ وَنَحْوِهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَخْلِيفُهُ نَائِبًا لَهُ فِي الْمَوْضِعِ، وَلَا أَنْ يَتْرُكَ مَتَاعَهُ، لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَجِدُ أَمِينًا. فَإِنِ ازْدَحَمَ اثْنَانِ وَلَا سَبْقَ، فَعَلَى مَا سَبَقَ فِي مَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ. وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْمَدَارِسِ وَالْخَوَانِقِ إِذَا نَزَلَهَا مَنْ هُوَ [مِنْ] أَهْلِهَا. وَإِذَا سَكَنَ بَيْتًا مِنْهَا مُدَّةً، ثُمَّ غَابَ أَيَّامًا قَلِيلَةً، فَهُوَ أَحَقُّ إِذَا عَادَ. وَإِنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ، بَطَلَ حَقُّهُ.
قُلْتُ: وَالرُّجُوعُ فِي الطُّولِ إِلَى الْعُرْفِ. وَلَوْ أَرَادَ غَيْرُهُ النُّزُولَ فِيهِ فِي مُدَّةِ غَيْبَةِ الْأَوَّلِ عَلَى أَنْ يُفَارِقَهُ إِذَا جَاءَ الْأَوَّلُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ قَطْعًا، أَوْ يَكُونَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ فِي الْمَوْضِعِ مِنَ الشَّارِعِ. وَيَجُوزُ لِغَيْرِ سُكَّانِ الْمَدْرَسَةِ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْعَوَامِّ دُخُولُهَا، وَالْجُلُوسُ فِيهَا، وَالشُّرْبُ مِنْ مِيَاهِهَا، وَالِاتِّكَاءُ وَالنَّوْمُ فِيهَا، وَدُخُولُ سِقَايَتِهَا، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا جَرَى الْعُرْفُ بِهِ. وَأَمَّا سُكْنَى غَيْرِ الْفُقَهَاءِ فِي بُيُوتِهَا، فَإِنْ كَانَ فِيهِ نَصٌّ مِنَ الْوَاقِفِ بِنَفْيٍ أَوْ إِثْبَاتٍ، اتُّبِعَ، وَإِلَّا، فَالظَّاهِرُ مَنْعُهُ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ فِي بَلَدٍ جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
النَّازِلُونَ فِي مَوْضِعٍ مِنَ الْبَادِيَةِ، أَحَقُّ بِهِ وَبِمَا حَوَالَيْهِ بِقَدْرِ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ لِمَرَافِقِهِمْ، وَلَا يُزَاحَمُونَ فِي الْوَادِي الَّذِي سَرَّحُوا إِلَيْهِ مَوَاشِيَهُمْ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ كِفَايَةٌ لِلْجَمِيعِ، وَإِذَا رَحَلُوا، بَطَلَ اخْتِصَاصُهُمْ وَإِنْ بَقِيَ أَثَرُ الْفَسَاطِيطِ وَنَحْوِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute