فَرْعٌ
لَوْ رَهَنَ الْعَارِيَّةَ عِنْدَ الْمُسْتَعِيرِ، أَوِ الْمَقْبُوضِ بِالسَّوْمِ، أَوْ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ عِنْدَ قَابِضِهُ لَمْ يَبْرَأْ عَلَى الْأَصَحِّ.
قُلْتُ: قَالَ صَاحِبُ «الشَّامِلِ» : إِذَا رَهَنَ الْعَارِيَّةَ عِنْدَ الْمُسْتَعِيرِ لَمْ يَزَلْ ضَمَانُهَا، وَكَانَ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا. فَإِنْ مَنَعَهُ الِانْتِفَاعَ، فَفِي زَوَالِ الضَّمَانِ وَجْهَانِ. وَقَالَ فِي الْحَاوِي: فِي بُطْلَانِ الْعَارِيَّةِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا تُبْطُلُ، وَلَهُ الِانْتِفَاعُ. فَعَلَى هَذَا، يَبْقَى الضَّمَانُ. وَالثَّانِي: تُبْطَلُ الْعَارِيَّةُ، وَلَيْسَ لَهُ الِانْتِفَاعُ، وَيَسْقُطُ الضَّمَانُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
فِي الطَّوَارِئِ الْمُؤَثِّرَةِ فِي الْعَقْدِ قَبْلَ الْقَبْضِ
وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ.
الْأَوَّلُ: مَا يُنْشِؤُهُ الرَّاهِنُ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ، فَكُلُّ مُزِيلٍ لِلْمِلْكِ، كَالْبَيْعِ، وَالْإِعْتَاقِ، وَالْإِصْدَاقِ، وَجَعْلِهِ أُجْرَةً، وَالرَّهْنِ، وَالْهِبَةِ مَعَ الْقَبْضِ وَالْكِتَابَةِ، وَالْوَطْءِ مَعَ الْإِحْبَالِ، يَكُونُ رُجُوعًا عَنِ الرَّهْنِ إِذَا وُجِدَ قَبْلَ الْقَبْضِ. وَالتَّزْوِيجُ، وَالْوَطْءُ بِلَا إِحْبَالٍ، لَيْسَ بِرُجُوعٍ، بَلْ رَهْنُ الْمُزَوَّجَةِ ابْتِدَاءً جَائِزٌ. وَأَمَّا الْإِجَارَةُ، فَإِنْ جَوَّزْنَا رَهْنَ الْمُسْتَأْجِرِ وَبَيْعَهُ، فَلَيْسَ بِرُجُوعٍ، وَإِلَّا، فَرُجُوعٌ عَلَى الْأَصَحِّ. وَالتَّدْبِيرُ، رُجُوعٌ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ.
قُلْتُ: قَالَ أَصْحَابُنَا الْعِرَاقِيُّونَ وَصَاحِبُ «التَّتِمَّةِ» : إِنْ كَانَتِ الْإِجَارَةُ إِلَى مُدَّةٍ تَنْقَضِي قَبْلَ مَحَلِّ الدَّيْنِ لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا قَطْعًا، وَإِلَّا فَعَلَى الْخِلَافِ وَالْبِنَاءِ الْمَذْكُورِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute