فَرْعٌ
إِذَا خَرَجَ مِنْهُ بَلَلٌ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَنِيًّا وَمَذْيًا، وَاشْتَبَهَ، فَفِيهِ أَوْجُهٌ. أَحَدُهَا: يَجِبُ الْوُضُوءُ فَقَطْ، فَلَوْ عَدَلَ إِلَى الْغُسْلِ، كَانَ كَمُحْدِثٍ يَغْتَسِلُ. وَالثَّانِي: يَجِبُ الْوُضُوءُ، وَغَسْلُ سَائِرِ الْبَدَنِ، وَغَسْلُ مَا أَصَابَهُ الْبَلَلُ. وَالثَّالِثُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ: يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْتِزَامِ حُكْمِ الْمَنِيِّ، وَحُكْمِ الْمَذْيِ. فَإِنِ اخْتَارَ الْوُضُوءَ وَجَبَ التَّرْتِيبُ فِيهِ، وَغَسَلَ مَا أَصَابَهُ. وَقِيلَ: لَا يَجِبَانِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَيَجْرِي هَذَا الْخِلَافُ فِيمَا إِذَا أَوْلَجَ خُنْثَى مُشْكِلٌ فِي دُبُرِ رَجُلٍ، فَهُمَا بِتَقْدِيرِ ذُكُورَةِ الْخُنْثَى جُنُبَانِ، وَإِلَّا فَمُحْدِثَانِ. وَإِذَا تَوَضَّآ، وَجَبَ عَلَيْهِمَا التَّرْتِيبُ، وَفِيهِ الْوَجْهُ الْمُتَقَدِّمُ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ.
فَصْلٌ
وَأَمَّا سُنَنُ الْوُضُوءِ، فَكَثِيرَةٌ:
إِحْدَاهَا: السِّوَاكُ. وَهُوَ: سُنَّةٌ مُطْلَقًا، وَلَا يُكْرَهُ إِلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ لِصَائِمٍ. وَفِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ مُسْتَحَبٌّ فِي كُلِّ وَقْتٍ. وَيَتَأَكَّدُ اسْتِحْبَابُهُ فِي أَحْوَالٍ عِنْدَ الصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَغَيِّرَ الْفَمِ، وَعِنْدَ الْوُضُوءِ وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ، وَعِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَعِنْدَ اصْفِرَارِ الْأَسْنَانِ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرِ الْفَمُ، وَعِنْدَ تَغَيُّرِ الْفَمِ بِنَوْمٍ، أَوْ طُولِ سُكُوتٍ، أَوْ تَرْكِ أَكْلٍ، أَوْ أَكَلَ مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. وَيَحْصُلُ السِّوَاكُ بِخِرْقَةٍ، وَكُلِّ خَشِنٍ مُزِيلٍ، لَكِنَّ الْعُودَ أَوْلَى، وَالْأَرَاكُ مِنْهُ أَوْلَى، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ بِيَابِسٍ نُدِّيَ بِالْمَاءِ، وَلَا يَحْصُلُ بِأُصْبُعٍ خَشِنَةٍ عَلَى أَصَحِّ الْأَوْجُهِ. وَالثَّالِثُ: يَحْصُلُ عِنْدَ عَدَمِ الْعُودِ، وَنَحْوِهِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَاكَ عَرْضًا.
قُلْتُ: كَرِهَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا الِاسْتِيَاكَ طُولًا. وَلَنَا قَوْلٌ غَرِيبٌ: أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute