فِي الْبَحْثِ وَالِاسْتِزْكَاءِ.
وَعَنِ الْقَاضِي أَبِي سَعْدٍ الْهَرَوِيِّ أَنَّهُ يُكْتَفَى فِيهَا بِمُعَرِّفٍ وَاحِدٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْكَلَامَيْنِ يَنْبَغِي أَنْ يَعُودَ هُنَا حَيْثُ احْتِيجَ إِلَى إِثْبَاتِ كَوْنِهِ فُلَانَ ابْنَ فُلَانٍ.
فَصْلٌ
الْمَرْأَةُ الْمُتَنَقِّبَةُ لَا يَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهَا اعْتِمَادًا عَلَى الصَّوْتِ، كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَحَمَّلَ الْأَعْمَى اعْتِمَادًا عَلَى الصَّوْتِ، وَكَذَا الْبَصِيرُ فِي الظُّلْمَةِ، أَوْ مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ صَفِيقٍ، وَالْحَائِلُ الرَّقِيقُ لَا يَمْنَعُ عَلَى الْأَصَحِّ.
وَإِذَا لَمْ يَجُزِ التَّحَمُّلُ بِالصَّوْتِ، فَإِنْ عَرَفَهَا مُتَنَقِّبَةً بِاسْمِهَا وَنَسَبِهَا أَوْ بِعَيْنِهَا لَا غَيْرَ، جَازَ التَّحَمُّلُ، وَلَا يَضُرُّ النِّقَابُ، وَيَشْهَدُ عِنْدَ الْأَدَاءِ بِمَا يَعْلَمُ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا، فَلْتَكْشِفْ عَنْ وَجْهِهَا لِيَرَاهَا الشَّاهِدُ وَيَضْبِطَ حِلْيَتَهَا وَصُورَتَهَا، لِيَتَمَكَّنَ مِنَ الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَى الْأَدَاءِ، وَتَكْشِفُ وَجْهَهَا حِينَئِذٍ.
وَلَا يَجُوزُ التَّحَمُّلُ بِتَعْرِيفِ عَدْلٍ أَوْ عَدْلَيْنِ أَنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ، فَإِنْ قَالَ عَدْلَانِ يَشْهَدَانِ: هَذِهِ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ تُقِرُّ بِكَذَا، فَهُمَا شَاهِدَا الْأَصْلِ، وَالَّذِي يَسْمَعُ مِنْهُمَا شَاهِدُ فَرْعٍ يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِهِمَا عِنْدَ اجْتِمَاعِ الشُّرُوطِ. وَلَوْ سَمِعَهُ مِنْ عَدْلٍ وَاحِدٍ، شَهِدَ عَلَى شَهَادَتِهِ، وَالشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ تَكُونُ عَلَى الِاسْمِ وَالنَّسَبِ دُونَ الْعَيْنِ، هَذَا مَا ذَكَرَهُ أَكْثَرُ الْمُتَكَلِّمِينَ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَفِي وَجْهٍ ثَانٍ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَكْفِيهِ لِتُحْمَلَ الشَّهَادَةُ عَلَيْهَا مُعَرِّفٌ وَاحِدٌ سُلُوكًا بِهِ مَسْلَكَ الْإِخْبَارِ، وَبِهَذَا قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ، مِنْهُمُ الْقَاضِي شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ.
وَوَجْهٌ ثَالِثٌ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّحَمُّلُ إِذَا سَمِعَ مِنْ عَدْلَيْنِ أَنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ، وَيَشْهَدُ عَلَى اسْمِهَا وَنَسَبِهَا عِنْدَ الْغَيْبَةِ، وَهَذَا مَا سَبَقَ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى النَّسَبِ بِالسَّمَاعِ مِنْ عَدْلَيْنِ، وَوَجْهٌ عَنِ الْإِصْطَخْرِيِّ أَنَّهُ إِذَا كَانَ يَعْرِفُ نَسَبَ امْرَأَةٍ، وَلَا يَعْرِفُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute