للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُلْتُ: قَالَ الْبَغَوِيُّ: لَوْ كَانَ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ مُرْتَدًّا وَالْآخَرُ كَافِرًا أَصْلِيًّا، فَإِنْ قُلْنَا: إِذَا كَانَا مُرْتَدَّيْنِ يَكُونُ الْوَلَدُ مُسْلِمًا، كَانَ هُنَا مُسْلِمًا أَيْضًا، وَإِنْ قُلْنَا: يَكُونُ هُنَاكَ مُرْتَدًّا أَوْ كَافِرًا أَصْلِيًّا، كَانَ هُنَا كَافِرًا أَصْلِيًّا، يُقِرُّ بِالْجِزْيَةِ إِنْ كَانَ الْأَصْلِيُّ مِمَّنْ يُقَرِّبُهَا، كَمَا لَوْ كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مَجُوسِيًّا وَالْآخَرُ وَثَنِيًّا، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلِيُّ كِتَابِيًّا، كَانَ الْوَلَدُ كِتَابِيًّا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَرْعٌ

الذِّمِّيُّ وَالْمُسْتَأْمَنُ إِذَا نَقَضَ الْعَهْدَ، وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَتَرَكَ وَلَدَهُ عِنْدَنَا، لَا يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُ، فَإِذَا بَلَغَ وَقَبِلَ الْجِزْيَةَ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَلَا يُجْبَرُ وَيُلْحَقُ بِالْمَأْمَنِ، وَفِي وَجْهٍ: يُسْتَرَقُّ وَلَدُهُ بِلُحُوقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَفِي وَجْهٍ: إِنْ هَلَكَ هُنَاكَ، أَوِ اسْتُرِقَّ، اسْتُرِقَّ وَلَدُهُ.

فَصْلٌ

وَأَمَّا مَالُهُ، فَهَلْ يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ بِنَفْسِ الرِّدَّةِ؟ فِيهِ أَقْوَالٌ، أَحَدُهَا: نَعَمْ لِزَوَالِ عِصْمَةِ الْإِسْلَامِ، وَقِيَاسًا عَلَى النِّكَاحِ، وَالثَّانِي: لَا، كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ، وَأَظْهَرُهَا: مَوْقُوفٌ، فَإِنْ مَاتَ مُرْتَدًّا، بَانَ زَوَالُهُ بِالرِّدَّةِ، وَإِنْ أَسْلَمَ، بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ ; لِأَنَّ بُطْلَانَ أَعْمَالِهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى مَوْتِهِ مُرْتَدًّا، فَكَذَا مِلْكُهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِاسْتِمْرَارِ مِلْكِهِ، وَجُعِلَ الْخِلَافُ فِي أَنَّهُ هَلْ يَصِيرُ بِالرِّدَّةِ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي التَّصَرُّفِ، وَالْخِلَافُ فِي زَوَالِ الْمِلْكِ يَجْرِي فِي ابْتِدَاءِ التَّمَلُّكِ إِذَا اصْطَادَ أَوِ احْتَطَبَ، فَإِنْ قُلْنَا: يَزُولُ، قَالَ الْإِمَامُ: ظَاهِرُ الْقِيَاسِ أَنَّهُ يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِأَهْلِ الْفَيْءِ فِيمَا اصْطَادَ وَاحْتَطَبَ، كَمَا يَحْصُلُ مِلْكُ السَّيِّدِ فِيمَا احْتَطَبَ الْعَبْدُ، قَالَ: وَلْيَكُنْ شِرَاؤُهُ وَاتِّهَابُهُ، كَشِرَاءِ الْعَبْدِ وَاتِّهَابِهِ بِغَيْرِ إِذْنِ السَّيِّدِ، حَتَّى يَجِيءَ الْخِلَافُ، وَالَّذِي ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ يَبْقَى عَلَى الْإِبَاحَةِ كَمَا إِذَا اصْطَادَ الْمُحْرِمُ لَا يَمْلِكُهُ، وَيَبْقَى الصَّيْدُ عَلَى الْإِبَاحَةِ، وَإِنْ قُلْنَا: يَبْقَى مِلْكُ الْمُرْتَدِّ فِيمَا احْتَطَبَهُ، أَوِ اصْطَادَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>