تَصْدِيقِنَا لِلْوَكِيلِ فِي الدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ بِيَمِينِهِ أَنْ نُثْبِتَ بِهَا حَقًّا عَلَى غَيْرِهِ. وَلَوْ خَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا، رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَهُ إِلَيْهِ، وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُوكِّلِ لِمَا سَبَقَ. وَلَوِ اتَّفَقَا عَلَى قَبْضِ الْوَكِيلِ الثَّمَنَ، وَقَالَ الْوَكِيلُ: دَفَعْتُهُ إِلَيْكَ، وَقَالَ الْمُوَكِّلُ: بَلْ هُوَ بَاقٍ عِنْدَكَ، فَهُوَ كَمَا لَوِ اخْتَلَفَا فِي رَدِّ الْمَالِ الْمُسْلَّمِ إِلَيْهِ.
وَالْمَذْهَبُ: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ. وَلَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: قَبَضْتَ الثَّمَنَ فَادْفَعْهُ إِلَيَّ، فَقَالَ الْوَكِيلُ: لَمْ أَقْبِضْهُ بَعْدُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ مَعَ يَمِينِهِ، وَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ طَلَبُهُ مِنَ الْمُشْتَرِي، لِاعْتِرَافِهِ بِقَبْضِ وَكِيلِهِ، لَكِنْ لَوْ سَلَّمَ الْوَكِيلُ الْمَبِيعَ حَيْثُ لَا يَجُوزُ التَّسْلِيمُ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ، فَهُوَ مُتَعَدٍّ، فَلِلْمُوَكِّلِ أَنْ يُغَرِّمَهُ قِيمَةَ الْمَبِيعِ.
فَصْلٌ
دَفَعَ إِلَيْهِ مَالًا، وَوَكَّلَهُ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ بِهِ، ثُمَّ قَالَ الْوَكِيلُ: قَضَيْتُ بِهِ، وَأَنْكَرَ رَبُّ الدَّيْنِ، صُدِّقَ رَبُّ الدَّيْنِ بِيَمِينِهِ، فَإِذَا حَلَفَ، طَالَبَ الْمُوَكِّلُ بِحَقِّهِ، وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْوَكِيلِ. وَهَلْ يَقْبَلُ قَوْلَ الْوَكِيلِ عَلَى الْمُوَكِّلِ؟ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: لَا.
وَالثَّانِي: نَعَمْ بِيَمِينِهِ. فَعَلَى الْأَظْهَرِ: يَنْظُرُ، إِنْ تَرَكَ الْإِشْهَادَ عَلَى الدَّفْعِ، فَإِنْ دَفَعَ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ، فَلَا رُجُوعَ لِلْمُوَكِّلِ عَلَيْهِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَإِنْ دَفَعَ فِي غَيْبَتِهِ، رَجَعَ، وَسَوَاءٌ صَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ فِي الدَّفْعِ، أَمْ لَا، عَلَى الصَّحِيحِ. وَفِي وَجْهٍ: لَا يَرْجِعُ إِذَا صَدَّقَهُ. فَلَوْ قَالَ: دَفَعْتُ بِحَضْرَتِكَ، صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ بِيَمِينِهِ. وَإِنْ كَانَ قَدْ أَشْهَدُ، لَكِنْ مَاتَ الشُّهُودُ، أَوْ جُنُّوا، أَوْ غَابُوا، فَلَا رُجُوعَ. وَإِنْ أَشْهَدْ وَاحِدًا أَوْ مَسْتُورَيْنِ، فَبَانَا فَاسِقَيْنِ، فَوَجْهَانِ.
وَكُلُّ ذَلِكَ، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي رُجُوعِ الضَّامِنِ عَلَى الْأَصِيلِ. وَلَوْ أَمَرَهُ بِالْإِيدَاعِ، فَفِي لُزُومِ الْإِشْهَادِ وَجْهَانِ مَذْكُورَانِ فِي الْوَدِيعَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute