بِهِ لَمْ يَكُنْ مَالَ زَكَاةٍ لِنَقْصِهِ. أَمَّا إِذَا مَلَكَ بِغَيْرِ نَقْدٍ فَلَهُ حَالَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْعَرْضُ مِمَّا لَا زَكَاةَ فِيهِ، كَالثِّيَابِ وَالْعَبِيدِ، فَابْتِدَاءُ الْحَوْلِ مِنْ حِينِ مَلَكَ مَالَ التِّجَارَةِ إِنْ كَانَ قِيمَةُ الْعَرْضِ نِصَابًا، أَوْ كَانَتْ دُونَهُ وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ: إِنَّ النِّصَابَ لَا يُعْتَبَرُ إِلَّا فِي آخِرِ الْحَوْلِ، وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، بِأَنْ مَلَكَهُ بِنِصَابٍ مِنَ السَّائِمَةِ، فَالصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ أَنَّ حَوْلَ الْمَاشِيَةِ يَنْقَطِعُ، وَيَبْتَدِئُ حَوْلُ التِّجَارَةِ مِنْ حِينِ مَلَكَ مَالَ التِّجَارَةِ، وَلَا يَبْنِي، لِاخْتِلَافِ الزَّكَاتَيْنِ قَدْرًا وَوَقْتًا، وَقَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ: يَبْنِي عَلَى حَوْلِ السَّائِمَةِ، كَمَا لَوْ مَلَكَ بِنِصَابٍ مِنَ النَّقْدِ. ثُمَّ زَكَاةُ التِّجَارَةِ وَالنَّقْدِ يَبْنِي حَوْلَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، فَإِذَا بَاعَ مَالَ تِجَارَةٍ بِنَقْدٍ بِنِيَّةِ الْقِنْيَةِ بَنَى حَوْلَ النَّقْدِ عَلَى حَوْلِ التِّجَارَةِ، كَمَا يَبْنِي التِّجَارَةَ عَلَى النَّقْدِ.
فَصْلٌ
رِبْحُ مَالِ التِّجَارَةِ ضَرْبَانِ: حَاصِلٌ مِنْ غَيْرِ نَضُوضِ الْمَالِ، وَحَاصِلٌ مَعَ نُضُوضِهِ.
فَالْأَوَّلُ: مَضْمُومٌ إِلَى الْأَصْلِ فِي الْحَوْلِ، كَالنِّتَاجِ. قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: حَكَى الْأَئِمَّةُ الْقَطْعَ بِذَلِكَ. لَكِنْ مَنْ يَعْتَبِرُ النِّصَابَ فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ قَدْ لَا يُسَلِّمُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي الرِّبْحِ فِي آخِرِ الْحَوْلِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَقُولَ: ظُهُورُ الرِّبْحِ فِي أَثْنَائِهِ كَنُضُوضِهِ، وَسَيَأْتِي الْخِلَافُ فِي الضَّرْبِ الثَّانِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ الْإِمَامُ: وَهَذَا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَالْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ: مَا سَبَقَ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوِ اشْتَرَى عَرْضًا بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَصَارَتْ قِيمَتُهُ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ ثَلَاثَمِائَةٍ، زَكَّى ثَلَاثَمِائَةٍ فِي آخِرِ الْحَوْلِ وَإِنْ كَانَ ارْتِفَاعُ الْقِيمَةِ قَبْلَ آخَرِ الْحَوْلِ بِلَحْظَةٍ. وَلَوِ ارْتَفَعَتْ بَعْدَ الْحَوَلِ، فَالرِّبْحُ مَضْمُومٌ إِلَى الْأَصْلِ فِي الْحَوَلِ الثَّانِي كَالنِّتَاجِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute