صَحَّ الْعَفْوُ فِي ثُلُثِ كُلِّ عَبْدٍ، وَبِيعَ ثُلُثَاهُ، أَوْ فَدَى سَيِّدُهُ ثُلُثَيْهِ بِثُلُثَيِ الْقِيمَةِ.
وَإِنْ قُلْنَا: الْفِدَاءُ بِالدِّيَةِ، وَكَانَتْ قِيمَةُ كُلِّ عَبْدٍ ثَلَثَمِائَةٍ، وَقِيمَةُ الدِّيَةِ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ، صَحَّ الْعَفْوُ فِي شَيْءٍ مِنْ كُلِّ عَبْدٍ، وَفَدَى سَيِّدُهُ بَاقِيهِ بِضِعْفِهِ ; لِأَنَّ نِصْفَ الدِّيَةِ هُوَ الَّذِي تَعَلَّقَ بِكُلِّ عَبْدٍ، وَنِصْفُ الدِّيَةِ ضِعْفُ كُلِّ عَبْدٍ، فَيَحْصُلُ لِوَرَثَةِ الْعَافِي أَرْبَعَةُ أَعْبُدٍ إِلَّا أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ، وَذَلِكَ يَعْدِلُ ضِعْفَ مَا جَازَ الْعَفْوُ فِيهِ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ، فَبَعْدَ الْجَبْرِ: أَرْبَعَةُ أَعْبُدٍ تَعْدِلُ ثَمَانِيَةَ أَشْيَاءَ، فَتَقْلِبُ الِاسْمَ، وَتَجْعَلُ الْعَبْدَ ثَمَانِيَةً، وَالشَّيْءَ أَرْبَعَةً وَهُوَ نِصْفُهَا، فَيَصِحُّ الْعَفْوُ فِي نِصْفِ كُلِّ عَبْدٍ، وَيَفْدِي كُلُّ سَيِّدٍ نِصْفَ عَبْدِهِ بِعَبْدٍ، فَيَحْصُلُ لِلْوَرَثَةِ عَبْدَانِ ضِعْفُ مَا صَحَّ الْعَفْوُ فِيهِ.
(الْفَرْعُ) الثَّالِثُ: قَتَلَ عَبْدٌ حُرَّيْنِ خَطَأً، تَعَلَّقَتْ بِرَقَبَتِهِ الدِّيَتَانِ.
فَإِنْ سَلَّمَهُ سَيِّدُهُ، بِيعَ وَوُزِّعَ عَلَيْهِمَا.
وَإِنْ فَدَاهُ وَقُلْنَا: الْفِدَاءُ بِالْقِيمَةِ، وُزِّعَتِ الْقِيمَةُ.
وَإِنْ قُلْنَا بِالدِّيَةِ، فَدَاهُ بِالدِّيَتَيْنِ.
فَإِنْ عَفَا أَحَدُهُمَا فِي مَرَضِهِ، قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: يُدْفَعُ إِلَى وَرَثَةِ الْعَافِي ثُلُثَا نِصْفِهِ، وَإِلَى وَرَثَةِ الَّذِي لَمْ يَعْفُ جَمِيعَ النِّصْفِ، كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مُتَعَلِّقٌ بِنِصْفٍ مِنْهُ، فَيَنْفُذُ عَفْوُ الْعَافِي فِي ثُلُثِ مَحَلِّ حَقِّهِ.
قَالَ الْأُسْتَاذُ: هَذَا لَا يَسْتَقِيمُ عَلَى أَصْلِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بَلِ الدِّيَتَانِ مُتَعَلِّقَتَانِ بِجَمِيعِ الْعَبْدِ، فَإِذَا عَفَا أَحَدُهُمَا، سَقَطَ [ثُلُثُ] الدِّيَةِ، فَوَرَثَتُهُ وَوَرَثَةُ الْآخَرِ يَتَضَارَبُونَ هَؤُلَاءِ بِثُلُثَيْ دِيَةِ مُوَرِّثِهِمْ، وَهَؤُلَاءِ بِكُلِّ دِيَةِ مُوَرِّثِهِمْ.
فَصْلٌ
وَمِنْهَا الْعِتْقُ، فَإِذَا أَعْتَقَ مَرِيضٌ عَبْدًا، فَاكْتَسَبَ مَالًا قَبْلَ مَوْتِ الْمُعْتِقِ، وُزِّعَ الْكَسْبُ عَلَى مَا يَعْتِقُ وَ [مَا] يَرِقُّ، وَحِصَّةُ الْعِتْقِ لَا تُحْسَبُ عَلَيْهِ، وَحِصَّةُ مَا رُقَّ تُزَادُ فِي التَّرِكَةِ، وَإِذَا زَادَتِ التَّرِكَةُ، زَادَ مَا عَتَقَ، فَتَزِيدُ حِصَّتُهُ مِنَ الْكَسْبِ، وَإِنْ زَادَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute