فَصْلٌ
إِذَا غَصَبَ زَيْتًا أَوْ دُهْنًا فَأَغْلَاهُ، فَإِنْ نَقَصَتْ عَيْنُهُ فَقَطْ، كَمَنْ غَصَبَ صَاعَيْنِ قِيمَتُهُمَا دِرْهَمَانِ فَصَارَ بِالْإِغْلَاءِ صَاعًا قِيمَتُهُ دِرْهَمَانِ، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: يَرُدُّهُ وَيَغْرَمُ مِثْلَ الصَّاعِ الذَّاهِبِ. وَالثَّانِي: يَرُدُّهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ فَقَطْ رَدَّهُ مَعَ الْأَرْشِ. وَإِنْ نَقَصَا مَعًا وَجَبَ رَدُّ الْبَاقِي وَمِثْلُ مَا ذَهَبَ، إِلَّا إِذَا كَانَ مَا نَقَصَ مِنَ الْقِيمَةِ أَكْثَرَ مِمَّا نَقَصَ مِنَ الْعَيْنِ، فَيَجِبُ مَعَ مِثْلِ الذَّاهِبِ أَرْشُ نَقْصِ الْبَاقِي. وَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، رَدَّهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَلَوْ غَصَبَ عَصِيرًا فَأَغْلَاهُ، فَطَرِيقَتَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ كَالزَّيْتِ فَيَضْمَنُ مِثْلَ الذَّاهِبِ وَإِنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَأَصَحُّهَا: لَا، فَلَا يَضْمَنُ مِثْلَ الْعَصِيرِ الذَّاهِبِ إِذَا لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ، لِأَنَّ الذَّاهِبَ مَائِيَّتُهُ وَالذَّاهِبَ مِنَ الزَّيْتِ زَيْتٌ. وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي الْعَصِيرِ إِذَا صَارَ خَلًّا وَنَقَصَتْ عَيْنُهُ دُونَ قِيمَتِهِ، وَفِي الرُّطَبِ إِذَا صَارَ تَمْرًا.
نَقْصُ الْمَغْصُوبِ هَلْ يَنْجَبِرُ بِالْكَمَالِ بَعْدَهُ؟ يُنْظَرُ، إِنْ كَانَ الْكَمَالُ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي نَقَصَ بِهِ، كَمَا لَوْ هَزَلَتِ الْجَارِيَةُ ثُمَّ سَمِنَتْ وَعَادَتِ الْقِيمَةُ كَمَا كَانَتْ، لَمْ يَنْجَبِرْ عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ: لَا يَنْجَبِرُ قَطْعًا، وَلَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ يُحْسِنُ صُنْعَةً فَنَسِيَهَا ثُمَّ ذَكَرَهَا أَوْ تَعَلَّمَهَا انْجَبَرَ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقِيلَ: يَنْجَبِرُ قَطْعًا، لِأَنَّ تَذَكُّرَ الصَّنْعَةِ لَا يُعَدُّ شَيْئًا مُتَجَدِّدًا، بِخِلَافِ السِّمَنِ. وَالثَّانِي: وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ كَسَرَ الْحُلِيَّ وَالْإِنَاءَ، ثُمَّ أَعَادَ تِلْكَ الصَّنْعَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute