يُخَيَّرُ السَّيِّدُ فِي تَسْلِيمِ عَيْنِهَا أَوْ بَدَلِهَا مِنْ سَائِرِ أَمْوَالِهِ؛ وَإِذَا لَزِمَ الْفِدَاءُ بَعْدَ مَوْتِ الْعَبْدِ أَوْ قَبْلَهُ؛ فَفِيمَا يَفْدِيهِ بِهِ؟ الطَّرِيقَانِ فِيمَنْ قَتَلَ الْعَبْدَ أَوْ أَعْتَقَهُ لِحُصُولِ الْيَأْسِ مِنْ بَيْعِهِ بِمَا يَزِيدُ عَلَى قِيمَتِهِ.
وَلَوْ قَالَ السَّيِّدُ: اخْتَرْتُ الْفِدَاءَ، أَوْ قَالَ: أَنَا أَفْدِيهِ؛ فَوَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ الْفِدَاءُ وَلَا يَقْبَلُ رُجُوعَهُ، وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بَلْ يَبْقَى خِيَارُهُ كَمَا كَانَ، وَمَوْضِعُ الْخِلَافِ مَا إِذَا كَانَ الْعَبْدُ حَيًّا؛ فَإِنْ مَاتَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِحَالٍ.
فَصْلٌ
إِذَا جَنَتْ مُسْتَوْلَدَة عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ، وَجَبَ عَلَى سَيِّدِهَا الْفِدَاءُ، وَفِيمَا يَفْدِيهِ بِهِ طَرِيقَانِ؛ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهَا وَالْأَرْشُ، وَالثَّانِي: عَلَى قَوْلَيْنِ، كَالْقِنِّ، وَالْفَرْقُ أَنَّهَا غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلْبَيْعِ، وَهَلْ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ يَوْمِ الْجِنَايَةِ، أَمْ يَوْمِ الِاسْتِيلَادِ، وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: الْأَوَّلُ، وَلَوْ جَنَتْ جِنَايَتَيْنِ، وَقُلْنَا: يَفْدِي بِالْأَرْشِ؛ لَزِمَ السَّيِّدَ الْأُرُوشُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ؛ وَإِنْ قُلْنَا بِالْمَذْهَبِ: إِنَّ الْوَاجِبَ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ، فَإِنْ كَانَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ الْأُولَى دُونَ الْقِيمَةِ وَفِدَاهَا بِهِ وَكَانَ الْبَاقِي مِنْ قِيمَتِهَا يَفِي بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ، فَدَاهَا بِأَرْشِهَا أَيْضًا.
وَإِنْ كَانَ أَرْشُ الْأُولَى كَالْقِيمَةِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ، وَالْبَاقِي مِنَ الْقِيمَةِ لَا يَفِي بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ، فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، أَظْهَرُهَا: أَنَّ الْجِنَايَاتِ كُلُّهَا كَوَاحِدَةٍ، فَيَلْزَمُهُ الْبَيْعُ فَدَاءَ وَاحِدٍ، وَالثَّانِي: يَلْزَمُهُ لِكُلِّ جِنَايَةٍ فِدَاءٌ، وَالثَّالِثُ: إِنْ فَدَى الْأُولَى قَبْلَ جِنَايَتِهَا الثَّانِيَةِ؛ لَزِمَهُ فَدَاءٌ آخَرُ، وَإِلَّا فَوَاحِدٌ، وَإِذَا أَلْزَمْنَاهُ فَدَاءً وَاحِدًا، اشْتَرَكَ فِيهِ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِمَا أَوْ عَلَيْهِمْ عَلَى قَدْرِ جِنَايَاتِهِمْ، فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمُسْتَوْلَدَةِ أَلْفًا وَأَرْشُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْجِنَايَتَيْنِ أَلْفًا؛ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا خَمْسُمِائَةٍ؛ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ قَبَضَ الْأَلْفَ، اسْتَرَدَّ الثَّانِي مِنْهُ خَمْسَمِائَةٍ.
فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَلْفًا وَأَرْشُ الْأُولَى أَلْفٌ وَالثَّانِيَةُ خَمْسُمِائَةٍ، يَرْجِعُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ بِثُلْثِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute