للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالَّذِي حَكَاهُ الْمُتَوَلِّي عَنِ الْقَفَّالِ، أَنَّهُ إِنْ نَوَى غَيْرَ الزَّوْجَةِ، فَذَاكَ، وَإِلَّا فَيَقَعُ الطَّلَاقُ لِلْعُرْفِ.

قُلْتُ: الْأَرْحَجُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ وَالْمُتَقَدِّمُونَ، أَنَّهُ كِنَايَةٌ مُطْلَقًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَمَّا الْبِلَادُ الَّتِي لَا يُشْتَهَرُ فِيهَا هَذَا اللَّفْظُ لِلطَّلَاقِ، فَهُوَ كِنَايَةٌ فِي حَقِّ أَهْلِهَا بِلَا خِلَافٍ. وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ، أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ، فَقَالَ: حَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ إِنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَدَخَلَ، تُطَلَّقُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا طَلْقَةً، وَيُوَافِقُهُ مَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ فِي «الْفَتَاوَى» أَنَّهُ لَوْ قَالَ: حَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَلَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، طُلِّقْنَ كُلُّهُنَّ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ بِعْضَهُنَّ، لَكِنْ ذَكَرَ بَعْدَهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: إِنْ فَعَلْتُ كَذَا، فَحَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَلَهُ امْرَأَتَانِ فَفَعَلَ، طُلِّقَتْ إِحْدَاهُمَا، لِأَنَّهُ الْيَقِينُ، وَيُؤْمَرُ بِالتَّعْيِينِ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ غَيْرُهُ فَحَصَلَ تَرَدُّدٌ.

قُلْتُ: الظَّاهِرُ الْمُخْتَارُ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ، أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَنْوِهِمَا، لَا تُطَلَّقُ إِلَّا إِحْدَاهُمَا، أَوْ إِحْدَاهُنَّ، لِأَنَّ الِاسْمَ يَصْدُقُ عَلَيْهِ، فَلَا يَلْزَمُهُ زِيَادَةٌ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهَذَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَهَذَا إِذَا نَوَى بِ: حَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ الطَّلَاقَ، وَجَعَلْنَاهُ صَرِيحًا فِيهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ

وَأَمَّا الْكِنَايَةُ، فَيَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ مَعَ النِّيَّةِ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَا يَقَعُ بِلَا نِيَّةٍ وَهِيَ كَثِيرَةٌ، كَقَوْلِهِ: أَنْتِ خَلِيَّةٌ وَبَرِيَّةٌ، وَبَتَّةٌ وَبَتْلَةٌ، وَبَائِنٌ وَحَرَامٌ، وَحُرَّةٌ، وَأَنْتِ وَاحِدَةٌ، وَاعْتَدِّي وَاسْتَبْرِئِي رَحِمَكِ، وَالْحَقِي بِأَهْلِكِ، وَحَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ، وَلَا أَنْدَهُ سِرْبَكِ، أَيْ: لَا أَزْجُرُ إِبِلَكِ، وَمَعْنَاهُ: لَا أَهْتَمُّ بِشَأْنِكِ، وَاغْرُبِي وَاعْزُبِي، وَاخْرُجِي وَاذْهَبِي، وَسَافِرِي وَتَجَنَّبِي، وَتَجَرَّدِي وَتَقَنَّعِي، وَتَسَتَّرِي، وَالْزَمِي الطَّرِيقَ، وَبِينِي

<<  <  ج: ص:  >  >>