لِأَنَّهُ لَا يُتْرَكُ لَوْ سَكَتَ؛ لِأَنَّهَا تَزْعُمُ انْفِسَاخَ النِّكَاحِ، فَيَحْلِفُ وَيَسْتَمِرُّ النِّكَاحُ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْأَظْهَرِ، فَالزَّوْجُ مُدَّعٍ؛ لِأَنَّ مَا يَزْعُمُهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَهِيَ مُدَّعًى عَلَيْهَا، فَتَحْلِفُ وَيَرْتَفِعُ النِّكَاحُ.
وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ: أَسْلَمَتْ قَبْلِي، فَلِيَ النِّكَاحُ وَلَا مَهْرَ، وَقَالَتْ: بَلْ أَسْلَمْنَا مَعًا، وَهُمَا بِحَالِهِمَا، فَقَوْلُهُ فِي الْفِرَاقِ يَلْزَمُهُ، وَأَمَّا الْمَهْرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَعَلَى الثَّانِي قَوْلُهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تُتْرَكُ بِالسُّكُوتِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَزْعُمُ سُقُوطَ الْمَهْرِ، فَإِذَا سَكَتَتْ وَلَا بَيِّنَةَ جُعِلَتْ نَاكِلَةً، وَحَلَفَ وَسَقَطَ الْمَهْرُ. قَالَ الْأَصْحَابُ: وَالْأُمَنَاءُ الَّذِينَ يُصَدَّقُونَ فِي الرَّدِّ بِيَمِينِهِمْ مُدَّعُونَ؛ لِأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ الرَّدَّ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ، لَكِنِ اكْتُفِيَ مِنْهُمْ بِالْيَمِينِ، وَلِأَنَّهُمْ أَثْبَتُوا أَيْدِيَهُمْ، لِغَرَضِ الْمَالِكِ، وَقَدِ ائْتَمَنَهُمْ، فَلَا يَحْسُنُ تَكْلِيفُهُمْ بِنِيَّةِ الرَّدِّ.
وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي، فَهُمْ مُدَّعًى عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ هُوَ الَّذِي لَوْ سَكَتَ تُرِكَ. قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ: وَقَدْ يَكُونُ الشَّخْصُ مُدَّعِيًا وَمُدَّعًى عَلَيْهِ فِي الْمُنَازَعَةِ الْوَاحِدَةِ، كَمَا فِي صُورَةِ التَّحَالُفِ، هَذَا كَلَامُ الْأَصْحَابِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
فَصْلٌ
فِي حَدِّ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ، وَشَرْطُهَا أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً مُلْزِمَةً.
الْأَوَّلُ الْعِلْمُ بِالْمُدَّعَى بِهِ، فَإِنْ كَانَ نَقْدًا اشْتُرِطَ ذِكْرُ جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ وَقَدْرِهِ، قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: وَإِنِ اخْتَلَفَ الصِّحَاحُ وَالْمُكَسَّرَةُ بَيْنَ أَنَّهَا صِحَاحٌ أَوْ مُكَسَّرَةٌ، وَمُطْلَقُ الدِّينَارِ يَنْصَرِفُ إِلَى الدِّينَارِ الشَّرْعِيِّ، وَلَا حَاجَةَ إِلَى بَيَانِ وَزْنِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ نَقْدٍ، نُظِرَ إِنْ كَانَ عَيْنًا وَهِيَ مِمَّا تُضْبَطُ بِالصِّفَةِ، كَالْحُبُوبِ وَالْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ، وَصَفَهَا بِصِفَاتِ السَّلَمِ، وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْقِيمَةِ فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ كَانَتْ تَالِفَةً كَفَى الضَّبْطُ بِالصِّفَاتِ إِنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً، وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْقِيمَةِ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَقَوَّمَةً، اشْتُرِطَ ذِكْرُ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهَا الْوَاجِبُ عِنْدَ التَّلَفِ.
وَإِنِ ادَّعَى سَيْفًا مُحَلًّى، اشْتُرِطَ ذِكْرُ قِيمَتِهِ، وَيُقَوِّمُهُ بِالذَّهَبِ إِنْ كَانَ مُحَلًّى بِالْفِضَّةِ، وَبِالْفِضَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute