إِنْ كَانَ مُحَلًّى بِالذَّهَبِ، فَإِنْ كَانَ مُحَلًّى بِهِمَا، قَوَّمَهُ بِأَحَدِهِمَا لِلضَّرُورَةِ، وَفِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الْمَغْشُوشَةِ يَدَّعِي مِائَةَ دِرْهَمٍ مِنْ نَقْدِ كَذَا قِيمَتُهَا كَذَا دِينَارًا. أَوْ دِينَارًا مِنْ نَقْدِ كَذَا قِيمَتُهُ كَذَا دِرْهَمًا.
هَكَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ، وَكَأَنَّهُ جَوَابٌ عَلَى أَنَّ الْمَغْشُوشَ مُتَقَوَّمٌ، فَإِنْ جَعَلْنَاهُ مِثْلِيًّا، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْتَرَطَ التَّعَرُّضُ لِلْقِيمَةِ، وَفِي الْعَقَارِ يُتَعَرَّضُ لِلنَّاحِيَةِ وَالْبَلْدَةِ، وَالْمَحَلَّةِ وَالسِّكَّةِ، وَتُبَيَّنُ الْحُدُودُ، وَيُسْتَثْنَى مِنِ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ صُوَرٌ:
إِحْدَاهَا: إِنَّمَا يُعْتَبَرُ إِذَا طَلَبَ مُعَيَّنًا، فَأَمَّا مَنْ حَضَرَ لِيُعَيِّنَ، وَيَفْرِضَ لَهُ الْقَاضِي، كَالْمُفَوِّضَةِ تَطْلُبُ الْفَرْضَ عَلَى قَوْلِنَا: لَا يَجِبُ الْمَهْرُ بِالْعَقْدِ، وَالْوَاهِبُ يَطْلُبُ الثَّوَابَ، فَلَا يُتَصَوَّرُ الْإِعْلَامُ.
الثَّانِيَةُ: قَالَ: أَدِّعِي أَنَّ مُوَرِّثَكَ أَوْصَى لِي بِثَوْبٍ، أَوْ بِشَيْءٍ تُسْمَعُ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَحْتَمِلُ الْجَهَالَةَ، فَكَذَا دَعْوَاهَا، وَأَلْحَقَ مُلْحِقُونَ دَعْوَى الْإِقْرَارِ بِالْمَجْهُولِ بِدَعْوَى الْوَصِيَّةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُنَازَعُ كَلَامُهُ فِيهِ، وَيَصِحُّ دَعْوَى الْإِبْرَاءِ عَنِ الْمَجْهُولِ إِنْ صَحَّحْنَا الْإِبْرَاءَ عَنِ الْمَجْهُولِ.
الثَّالِثَةُ: ادَّعَى أَنَّ لَهُ طَرِيقًا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، وَادَّعَى حَقَّ إِجْرَاءِ الْمَاءِ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو سَعِيدٍ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى إِعْلَامِ قَدْرِ الطَّرِيقِ وَالْمَجْرَى، وَيَكْفِي لِصِحَّةِ الدَّعْوَى تَحْدِيدُ الْأَرْضِ الَّتِي يَدَّعِي فِيهَا الطَّرِيقَ وَالْمَجْرَى، وَكَذَا لَا تَصِحُّ الشَّهَادَةُ الْمُرَتَّبَةُ عَلَيْهَا.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الثَّقَفِيُّ: يُشْتَرَطُ إِعْلَامُ قَدْرِ الطَّرِيقِ وَالْمَجْرَى، وَقَالَ: وَكَذَا لَوْ بَاعَ بَيْتًا مِنْ دَارٍ، وَسَمَّى لَهُ طَرِيقًا، وَلَمْ يُبَيِّنْ قَدْرَهُ لَا يَصِحُّ، قَالَ الْقَاضِي: وَعِنْدِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ هَذَا الْإِعْلَامُ فِي الدَّعْوَى، لَكِنْ يُؤْخَذُ عَلَى الشُّهُودِ إِعْلَامُ الطَّرِيقِ وَالْمَسِيلِ بِالذِّرَعَانِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ أَعْلَى شَأْنًا، فَإِنَّهَا تَسْتَقِلُّ بِقُوَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute