بَابٌ.
اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ.
فِيهِ أَطْرَافٌ:
الْأَوَّلُ: فِيمَنْ لَهُ وِلَايَةُ الِاسْتِيفَاءِ، أَمَّا الْقِصَاصُ، فَيَسْتَحِقُّهُ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى، وَفِي وَجْهٍ تَسْتَحِقُّهُ الْعَصَبَةُ خَاصَّةً، وَفِي وَجْهٍ يَسْتَحِقُّهُ الْوَارِثُونَ بِالنَّسَبِ دُونَ السَّبَبِ، حَكَاهُمَا ابْنُ الصَّبَّاغِ، وَهُمَا شَاذَّانِ.
وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، وَلَوْ قِيلَ: مَنْ لَيْسَ لَهُ وَارِثٌ خَاصٌّ، فَهَلْ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ قَاتِلِهِ، أَمْ يَتَعَيَّنُ أَخْذُ الدِّيَةِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ سَبَقَا فِي كِتَابِ اللَّقِيطِ.
وَإِنْ خَلَّفَ بِنْتًا، أَوْ جَدَّةً، أَوْ أَخًا لِأُمٍّ، فَإِنْ قُلْنَا: لِلسُّلْطَانِ الِاسْتِيفَاءُ إِذَا لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ، اسْتَوْفَاهُ مَعَ صَاحِبِ الْفَرْضِ، وَإِلَّا فَالرُّجُوعُ إِلَى الدِّيَةِ.
فَرْعٌ.
لَوْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ غَائِبٌ، أَوْ صَبِيٌّ، أَوْ مَجْنُونٌ، انْتُظِرَ حُضُورُ الْغَائِبِ أَوْ إِذْنُهُ، وَبُلُوغُ الصَّبِيِّ، وَإِفَاقَةُ الْمَجْنُونِ، وَلَيْسَ لِلْآخَرَيْنِ الِانْفِرَادُ بِالِاسْتِيفَاءِ.
إِذَا انْفَرَدَ صَبِيٌّ، أَوْ مَجْنُونٌ بِاسْتِحْقَاقِ الْقِصَاصِ، لَمْ يَسْتَوْفِهِ وَلِيُّهُ سَوَاءٌ فِيهِ قِصَاصُ النَّفْسِ وَالطَّرَفِ، وَأَمَّا أَخْذُ الْوَلِيِّ لَهُ الدِّيَةَ، وَجَوَازُ رَدِّ الْمُسْتَحِقِّ لَهَا إِذَا كَمُلَ وَاقْتِصَاصِهِ، فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابَيِ الْحَجْرِ وَاللَّقِيطِ، وَيُحْبَسُ الْقَاتِلُ إِلَى أَنْ يَبْلُغَ الصَّبِيُّ وَيَفِيقَ الْمَجْنُونُ، وَلَا يُخَلَّى بِالْكَفِيلِ، فَقَدْ يَهْرُبُ، وَيَفُوتُ الْحَقُّ.
وَكَذَلِكَ يُحْبَسُ إِلَى أَنْ يَقْدَمَ الْغَائِبُ، كَمَا لَوْ وَجَدَ الْحَاكِمُ مَالَ مَيِّتٍ مَغْصُوبًا، وَالْوَارِثُ غَائِبٌ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ حِفْظًا لِحَقِّ الْمَيِّتِ، وَذَكَرَ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَنَّهُ لَا يُحْبَسُ فِي قِصَاصِ الطَّرَفِ إِلَى قُدُومِ الْغَائِبِ، لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى الْغَائِبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute