فَطَرَدَ فِيهِ الْوَجْهَيْنِ، هَلْ يَجِبُ قَرْءَانِ لِظَنِّهِ، أَمْ ثَلَاثَةٌ؟ وَالْأَشْبَهُ النَّظَرُ إِلَى ظَنِّهِ لِأَنَّ الْعِدَّةَ لِحَقِّهِ.
فَصْلٌ
الْمُعْتَدَّاتُ أَصْنَافٌ:
الْأَوَّلُ: مَنْ لَهَا حَيْضٌ وَطُهْرٌ صَحِيحَانِ، فَتَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ وَإِنْ تَبَاعَدَ حَيْضُهَا وَطَالَ طُهْرُهَا.
الصِّنْفُ الثَّانِي: الْمُسْتَحَاضَةُ، فَإِنْ كَانَ لَهَا مَرَدٌّ، اعْتَدَّتْ بِالْأَقْرَاءِ الْمَرْدُودِ إِلَيْهَا مِنْ تَمْيِيزٍ أَوْ عَادَةٍ، أَوِ الْأَقَلِّ، أَوِ الْغَالِبِ إِنْ كَانَتْ مُبْتَدَأَةً كَمَا سَبَقَ فِي الْحَيْضِ، وَالْأَظْهَرُ: رَدُّ الْمُبْتَدَأَةِ إِلَى الْأَقَلِّ. وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ: إِذَا مَضَتْ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، لِاشْتِمَالِ كُلِّ شَهْرٍ عَلَى حَيْضٍ وَطُهْرٍ غَالِبًا، وَشَهْرُهَا ثَلَاثُونَ يَوْمًا، وَالْحِسَابُ مِنْ أَوَّلِ رُؤْيَةِ الدَّمِ، هَكَذَا أُطْلِقَ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُعْتَبَرَ بِالْأَهِلَّةِ، كَمَا سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي النَّاسِيَةِ، وَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ مُشِيرُونَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَرَدٌّ وَهِيَ الْمُتَحَيِّرَةُ، فَقَدْ سَبَقَ فِي كِتَابِ الْحَيْضِ أَنَّهَا عَلَى قَوْلٍ تُرَدُّ إِلَى مَرَدِّ الْمُبْتَدَأَةِ، وَأَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّ عَلَيْهَا الِاحْتِيَاطَ. فَإِنْ قُلْنَا: كَالْمُبْتَدَأَةِ، انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَإِنْ قُلْنَا بِالِاحْتِيَاطِ، فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا كَالْمُبْتَدَأَةِ أَيْضًا لِعِظَمِ الْمَشَقَّةِ فِي الِانْتِظَارِ. وَالثَّانِي: يَلْزَمُهَا الِاحْتِيَاطُ كَمَنْ تَبَاعَدُ حَيْضُهَا، فَتُؤْمَرُ بِالتَّرَبُّصِ إِلَى سِنِّ الْيَأْسِ، أَوْ أَرْبَعِ سِنِينَ، أَوْ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ، عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي، وَلَا نَقُولُ: تَمْتَدُّ الرَّجْعَةُ وَحَقُّ السُّكْنَى جَمِيعَ هَذِهِ الْمُدَّةِ، لِأَنَّ الزَّوْجَ يَتَضَرَّرُ بِهِ، بَلْ لَا يَزِيدُ ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَيَخْتَصُّ الِاحْتِيَاطُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا، وَهُوَ تَحْرِيمُ النِّكَاحِ.
وَإِذَا قُلْنَا: تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فِي الْحَالِ، فَالِاعْتِبَارُ بِالْأَهِلَّةِ، فَإِنِ انْطَبَقَ الطَّلَاقُ عَلَى أَوَّلِ الْهِلَالِ، فَذَاكَ، وَإِنْ وَقَعَ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ الْهِلَالِيِّ، فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، حُسِبَ قَرْءًا، وَتَعْتَدُّ بَعْدَهُ بِهِلَالَيْنِ. وَإِنْ كَانَ خَمْسَةَ عَشَرَ فَمَا دُونَهَا، فَهَلْ يُحْسَبُ قَرْءًا؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا. وَعَلَى هَذَا، فَقَدْ ذَكَرَ أَكْثَرُهُمْ أَنَّ ذَلِكَ الْبَاقِيَ لَا اعْتِبَارَ بِهِ، وَأَنَّهَا تَدْخُلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute