الْأُجْرَةَ، وَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ مُطَالَبَتِهِ بِقَلْعِهِ، وَبَيْنَ تَرْكِهِ، كَمَا لَوِ اسْتَأْجَرَهُ لِيَخِيطَ [لَهُ] ثَوْبًا. قُلْنَا: هَذَا الَّذِي قَالَهُ، لَا يُخَالِفُ قَوْلَ صَاحِبِ «الشَّامِلِ» . وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
يَجُوزُ لِغَيْرِ الزَّوْجِ اسْتِئْجَارُ الزَّوْجَةِ لِلْإِرْضَاعِ وَغَيْرِهِ بِإِذْنِ الزَّوْجِ، وَلَا يَجُوزُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّ أَوْقَاتَهَا مُسْتَغْرِقَةٌ بِحَقِّهِ، وَالثَّانِي: يَصِحُّ، وَلِلزَّوْجِ فَسْخُهُ، حِفْظًا لِحَقِّهِ. وَلَوْ أَجَّرَتْ نَفْسَهَا وَلَا زَوْجَ لَهَا، ثُمَّ نُكِحَتْ فِي الْمُدَّةِ، فَالْإِجَارَةُ بِحَالِهَا، وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنْ تَوْفِيَةِ مَا الْتَزَمَتْهُ، كَمَا لَوْ أَجَّرَتْ نَفْسَهَا بِإِذْنِهِ، لَكِنْ يَسْتَمْتِعُ بِهَا فِي أَوْقَاتِ فَرَاغِهَا، فَإِنْ كَانَتِ الْإِجَارَةُ لِلْإِرْضَاعِ، فَهَلْ لِوَلِيِّ الطِّفْلِ الَّذِي اسْتَأْجَرَهَا لِإِرْضَاعِهِ مَنْعُ الزَّوْجِ مِنْ وَطْئِهَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، لِأَنَّهُ رُبَّمَا حَبِلَتْ فَيَنْقَطِعُ اللَّبَنُ أَوْ يَقِلُّ، وَإِلَّا، فَيَضُرُّ بِالطِّفْلِ. وَالثَّانِي: لَا، وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ، لِأَنَّ الْحَبَلَ مُتَوَهَّمٌ، فَلَا يُمْنَعُ بِهِ الْوَطْءُ الْمُسْتَحَقُّ. فَإِنْ مَنَعْنَاهُ، فَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ قَوْلُ الْعِرَاقِيِّينَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ أَجَّرَ أَمَتَهُ الْمُزَوَّجَةَ، جَازَ، وَلَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنَ الْمُسْتَأْجِرِ، لِأَنَّ يَدَهُ يَدُ السَّيِّدِ فِي الِانْتِفَاعِ. أَمَّا الزَّوْجُ، فَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُهُ امْرَأَتَهُ، إِلَّا إِذَا اسْتَأْجَرَهَا لِإِرْضَاعِ وَلَدِهِ مِنْهَا، فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا. الْمَنْعُ، وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ. وَأَصَحُّهُمَا: الْجَوَازُ، كَمَا لَوِ اسْتَأْجَرَهَا بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ، وَكَمَا لَوِ اسْتَأْجَرَهَا لِلطَّبْخِ وَنَحْوِهِ. وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ، اسْتِئْجَارُ الْوَالِدِ وَلَدَهُ لِلْخِدْمَةِ. وَفِي عَكْسِهِ وَجْهَانِ إِنْ كَانَتِ الْإِجَارَةُ عَلَى عَيْنِهِ، كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَا إِذَا أَجَّرَ الْمُسْلِمُ نَفْسَهُ لِكَافِرٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute