للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشَّرْطُ الرَّابِعُ: حُصُولُ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ، وَأَكْثَرُ الْعِنَايَةِ فِي هَذَا الشَّرْطِ بِالْقُرَبِ، وَضَبَطَهَا الْإِمَامُ فَقَالَ: هِيَ قِسْمَانِ. أَحَدُهُمَا: قُرَبٌ يَتَوَقَّفُ الِاعْتِدَادُ بِهَا عَلَى النِّيَّةِ. فَمَا لَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ مِنْهَا، لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ، وَمَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ، جَازَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ، كَالْحَجِّ، وَتَفْرِقَةِ الزَّكَاةِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَمِنْ هَذَا، غُسْلُ الْمَيِّتِ إِذَا أَوْجَبْنَا فِيهِ النِّيَّةَ. الْقِسْمُ الثَّانِي: مَا لَا تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى النِّيَّةِ، وَهُوَ نَوْعَانِ. فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَشِعَارُ غَيْرِ فَرْضٍ. وَالْأَوَّلُ ضَرْبَانِ. أَحَدُهُمَا: يَخْتَصُّ افْتِرَاضُهُ فِي الْأَصْلِ بِشَخْصٍ وَمَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ، ثُمَّ يُؤْمَرُ بِهِ غَيْرُهُ إِنْ عَجَزَ، كَتَجْهِيزِ الْمَوْتَى بِالتَّكْفِينِ وَالْغُسْلِ وَالْحَفْرِ وَحَمْلِ الْمَيِّتِ وَدَفْنِهِ، فَإِنَّ هَذِهِ الْمُؤَنَ تَخْتَصُّ بِالتَّرِكَةِ. فَإِنْ لَمْ تَكُنْ، فَعَلَى النَّاسِ الْقِيَامُ بِهَا. فَمِثْلُ هَذَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْأَجِيرَ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِفِعْلِهِ حَتَّى يَقَعَ عَنْهُ. وَمِنْ هَذَا، تَعْلِيمُ الْقُرْآنِ، فَإِنَّ كُلَّ أَحَدٍ لَا يَخْتَصُّ بِوُجُوبِ التَّعْلِيمِ وَإِنْ كَانَ نَشْرُ الْقُرْآنِ وَإِشَاعَتُهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ، وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ وَاحِدٌ لِمُبَاشَرَةِ هَذِهِ الْأَعْمَالِ، فَإِنْ تَعَيَّنَ وَاحِدٌ لِتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ، أَوْ تَعْلِيمِ الْفَاتِحَةِ، جَازَ اسْتِئْجَارُهُ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ، كَالْمُضْطَرِّ، يَجِبُ إِطْعَامُهُ بِبَدَلِهِ. وَقِيلَ: لَا، كَفَرْضِ الْعَيْنِ ابْتِدَاءً. الضَّرْبُ الثَّانِي: مَا يَثْبُتُ فَرْضُهُ فِي الْأَصْلِ شَائِعًا غَيْرَ مُخْتَصٍّ، كَالْجِهَادِ، فَلَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الْمُسْلِمِ عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الذِّمِّيِّ عَلَى الصَّحِيحِ.

النَّوْعُ الثَّانِي: شِعَارٌ غَيْرُ فَرْضٍ، كَالْأَذَانِ، تَفْرِيعًا عَلَى الْأَصَحِّ. وَفِي جَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَيْهِ، ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ ذَكَرْنَاهَا فِي بَابِهِ. فَإِنْ جَوَّزْنَا، فَعَلَى أَيِّ شَيْءٍ يَأْخُذُ الْأُجْرَةَ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ. أَصَحُّهَا: عَلَى جَمِيعِ الْأَذَانِ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ، وَلَا يَبْعُدُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى كَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَإِنِ اشْتَمَلَ عَلَى قِرَاءَةِ الْمُعَلِّمِ. وَالثَّانِي:

<<  <  ج: ص:  >  >>