فَرْعٌ
لَوِ اضْطَرَّ سَمَكَةً إِلَى بِرْكَةٍ صَغِيرَةٍ، أَوْ حَوْضٍ صَغِيرٍ عَلَى شَطِّ نَهْرٍ، مَلَكَهَا كَمَا سَبَقَ فِيمَنْ أَلْجَأَ صَيْدًا إِلَى مَضِيقٍ. وَالصَّغِيرُ مَا يَسْهُلُ أَخْذُهَا مِنْهُ. فَلَوْ دَخَلَتْ بِنَفْسِهَا، عَادَ الْخِلَافُ فِيمَا إِذَا دَخَلَ الصَّيْدُ مِلْكَهُ. فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ: إِنْهُ لَا يَمْلِكُ بِالدُّخُولِ، فَسَدَّ مَنَافِذَ الْبِرْكَةِ، مَلَكَهَا؛ لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ إِلَى ضَبْطِهَا. وَلَوِ اضْطَرَّهَا إِلَى بِرْكَةٍ وَاسِعَةٍ يَعْسُرُ أَخْذُ السَّمَكَةِ مِنْهَا، أَوْ دَخَلَتْهَا السَّمَكَةُ فَسَدَّ مَنَافِذَهَا، لَمْ يَمْلِكْهَا، لَكِنْ يَثْبُتُ لَهُ اخْتِصَاصٌ كَالْمُتَحَجِّرِ.
لَوْ دَخَلَ بُسْتَانَ غَيْرِهِ وَصَادَ فِيهِ طَائِرًا، مَلَكَهُ الصَّائِدُ بِلَا خِلَافٍ.
فَصْلٌ
مَنْ مَلَكَ صَيْدًا، ثُمَّ أَفْلَتَ مِنْهُ، لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ. وَمَنْ أَخَذَهُ، لَزِمَهُ رَدُّهُ إِلَيْهِ، وَسَوَاءً كَانَ يَدُورُ فِي الْبَلَدِ وَحَوْلَهُ، أَوِ الْتَحَقَ بِالْوُحُوشِ. وَلَوْ أَرْسَلَهُ مَالِكُهُ، لَمْ يَزُلْ عَنْهُ مِلْكُهُ عَلَى الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ كَمَا لَوْ سَيَّبَ دَابَّتَهُ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ سَوَائِبَ الْجَاهِلِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْتَلِطُ بِالْمُبَاحِ فَيُصَادُ، وَقِيلَ: يَزُولُ.
وَقِيلَ: إِنْ قَصَدَ بِإِرْسَالِهِ التَّقَرُّبَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، زَالَ، وَإِلَّا فَلَا. فَإِنْ قُلْنَا: يَزُولُ، عَادَ مُبَاحًا، فَمَنْ صَادَهُ مَلَكَهُ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَزُولُ، لَمْ يَجُزْ لِغَيْرِهِ أَنْ يَصِيدَهُ إِذَا عَرَفَهُ. فَإِنْ قَالَ عِنْدَ الْإِرْسَالِ: أَبَحْتُهُ لِمَنْ أَخَذَهُ، حَصَلَتِ الْإِبَاحَةُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute