للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السُّكُوتِ، جُعِلَ كَالْمُنْكِرِ النَّاكِلِ، فَتُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي، فَهُوَ كَالْإِنْكَارِ. وَالْكَلَامُ فِي الْإِقْرَارِ وَصِيغَتِهِ عَلَى مَا سَبَقَ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ، وَقَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: لِي عَنْ دَعْوَاكَ مُخْرَجٌ، لَيْسَ بِإِقْرَارٍ، لِاحْتِمَالِ الْخُرُوجِ بِالْإِنْكَارِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِمَّا لَكَ، لَيْسَ بِإِقْرَارٍ لِلْمُخَاطَبِ بِمَا دَعَاهُ، لِاحْتِمَالِ إِرَادَةِ الِاسْتِهْزَاءِ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو سَعْدٍ: وَكَذَا لَوْ قَالَ: لَكَ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِمَّا ادَّعَيْتَ، لَمْ يَكُنْ إِقْرَارًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ لَكَ مِنَ الْحَقِّ عِنْدِي مَا يُسْتَحَقُّ لَهُ أَكْثَرُ مِمَّا ادَّعَيْتَ، وَكَمَا لَا يَكُونُ قَوْلُهُ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِمَّا لَكَ إِقْرَارٌ لِلْمُخَاطَبِ، لَا يَكُونُ إِقْرَارًا لِفُلَانٍ أَيْضًا، لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ بِالْحَقِّ الْحُرْمَةَ. فَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ مَالٌ أَكْثَرُ مِمَّا ادَّعَيْتَ، فَهَذَا إِقْرَارٌ لِفُلَانٍ، إِلَّا أَنَّهُ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِمَا دُونَهُ فِي الْقَدْرِ تَنْزِيلًا عَلَى كَثْرَةِ التَّرِكَةِ أَوِ الرَّغْبَةِ، كَمَا سَبَقَ فِي الْإِقْرَارِ. وَلَوْ قَالَ: الْحَقُّ أَحَقُّ أَنْ يُؤَدَّى، فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى حَيْثُ يَكُونُ حَقًّا، فَأَمَّا أَنَا فَبَرِيءٌ.

فَصْلٌ

فِي مَسَائِلِ الْبَابِ هِيَ سِتٌّ، الْأُولَى: ادَّعَى عَلَيْهِ عَشَرَةً، فَقَالَ: لَا يَلْزَمُنِي الْعَشَرَةُ، فَلَيْسَ بِجَوَابٍ تَامٍّ، بَلِ التَّامُّ أَنْ يُضِيفَ إِلَيْهِ «وَلَا شَيْءٌ مِنْهَا» ، أَوْ «وَلَا بَعْضُهَا» ، وَكَذَا يَحْلِفُ إِنْ حَلَفَ؛ لِأَنَّ مُدَّعِيَ الْعَشَرَةِ مُدَّعٍ لِكُلِّ جُزْءٍ مِنْهَا، فَاشْتُرِطَ مُطَابَقَةُ الْإِنْكَارِ وَالْيَمِينِ دَعْوَاهُ، وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: لَا يُكَلَّفُ فِي الْإِنْكَارِ أَنْ يَقُولَ: «وَلَا شَيْءٌ مِنْهَا» ، وَإِنَّمَا يُكَلَّفُ ذَلِكَ فِي الْيَمِينِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَإِذَا حَلَّفَهُ الْقَاضِي عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْعَشَرَةُ، وَلَا شَيْءٌ مِنْهَا، فَحَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعَشَرَةِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ، لَمْ تَلْزَمْهُ الْعَشَرَةُ بِتَمَامِهَا، لَكِنَّهُ نَاكِلٌ عَمَّا دُونَ الْعَشَرَةِ، فَلِلْمُدَّعِي

<<  <  ج: ص:  >  >>