قُلْتُ: وَلَوْ قَالَ الْمُعِينُ لِلثَّلَاثَةِ مَثَلًا فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ: أَرَدْتُ أَنْ آخُذَ الْجَعْلَ مِنَ الْمَالِكِ، لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا، وَكَانَ لِكُلٍّ مِنَ الثَّلَاثَةِ رُبْعُ الْمَشْرُوطِ لَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
فِي أَحْكَامِ الْجَعَالَةِ
فَمِنْهَا: الْجَوَازُ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ فَسْخُهَا قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ، فَأَمَّا بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ، فَلَا أَثَرَ لِلْفَسْخِ، لِأَنَّ الدِّينَ لَزِمَ. ثُمَّ إِنِ اتَّفَقَ الْفَسْخُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ، فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ. وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ، فَإِنْ فَسَخَ الْعَامِلُ، فَلَا شَيْءَ لَهُ، لِأَنَّهُ امْتَنَعَ بِاخْتِيَارِهِ وَلَمْ يَحْصُلْ غَرَضُ الْمَالِكِ. وَإِنْ فَسَخَ الْمَالِكُ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ كَمَا لَوْ فَسَخَ بِنَفْسِهِ. وَالصَّحِيحُ، أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لِمَا عَمِلَ، وَبِهَذَا قَطَعَ الْجُمْهُورُ، وَعَبَّرُوا عَنْهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ حَتَّى يَضْمَنَ لِلْعَامِلِ أُجْرَةَ مِثْلِ مَا عَمِلَ. وَلَوْ عَمِلَ الْعَامِلُ شَيْئًا بَعْدَ الْفَسْخِ، لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا إِنْ عَلِمَ بِالْفَسْخِ. فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ، بُنِيَ عَلَى الْخِلَافِ فِي نُفُوذِ عَزْلِ الْوَكِيلِ فِي غَيْبَتِهِ قَبْلَ عِلْمِهِ.
فَرْعٌ
تَنْفَسِخُ الْجَعَالَةُ بِالْمَوْتِ، وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ لِمَا عَمِلَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمَالِكِ. فَلَوْ قَطَعَ بَعْضَ الْمَسَافَةِ، ثُمَّ مَاتَ الْمَالِكُ فَرَدَّهُ إِلَى وَارِثِهِ، اسْتَحَقَّ مِنَ الْمُسَمَّى بِقَدْرِ عَمَلِهِ فِي الْحَيَاةِ.
وَمِنْ أَحْكَامِهَا: جَوَازُ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ فِي الْجَعْلِ، وَتَغَيُّرِ جِنْسِهِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute