للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

إِذَا قَالَ لِأَمَتِهِ: أَعْتَقْتُكِ عَلَى أَنْ تَنْكِحِينِي، أَوْ عَلَى أَنْ أَنْكِحَكِ، لَمْ تُعْتَقْ إِلَّا بِالْقَبُولِ [عَلَى الِاتِّصَالِ] . وَسَوَاءٌ قَالَ مَعَ ذَلِكَ: وَعِتْقُكِ صَدَاقُكِ أَوْ لَمْ يَقُلْ. وَلَوْ قَالَتِ ابْتِدَاءً أَعْتِقْنِي عَلَى أَنْ أَنْكِحَكَ، فَأَجَابَهَا إِلَيْهِ، فَكَذَلِكَ، ثُمَّ لَا يَلْزَمُهَا الْوَفَاءُ ; لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَصِحُّ الْتِزَامُهُ فِي الذِّمَّةِ. وَفِي «شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْجُوَيْنِيِّ» وَجْهٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، أَنَّهُ يَلْزَمُهَا الْوَفَاءُ، وَهُوَ شَاذٌّ لَا الْتِفَاتَ إِلَيْهِ، وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ، وَيَلْزَمُهَا قِيمَتُهَا لِلسَّيِّدِ ; لِأَنَّهُ أَعْتَقَهَا عَلَى عِوَضٍ لَمْ يُسَلَّمْ، فَصَارَ كَإِعْتَاقِهَا عَلَى خَمْرٍ، وَسَوَاءٌ فِي لُزُومِ الْقِيمَةِ وَفَّتْ بِالنِّكَاحِ الْمَشْرُوطِ أَوْ لَمْ تَفِ. وَلَوْ رَغِبَتْ فِي النِّكَاحِ، فَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَمْتَنِعَ وَلَا تَسْقُطُ الْقِيمَةُ بِذَلِكَ. وَلَوْ تَرَاضَيَا عَلَى النِّكَاحِ وَأَصْدَقَهَا غَيْرَ الْقِيمَةِ، فَلَهَا مَا أَصْدَقَهَا وَلَهُ عَلَيْهَا الْقِيمَةُ، وَقَدْ يَقَعُ التَّقَاصِّ.

وَإِنْ أَصْدَقَهَا الْقِيمَةَ، فَإِنْ عَلِمَاهَا عِنْدَ الْعَقْدِ، صَحَّ الْإِصْدَاقُ، وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهَا. وَإِنْ جَهِلَاهَا جَمِيعًا أَوْ أَحَدُهُمَا، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: فَسَادُ الصَّدَاقِ كَسَائِرِ الْمَجْهُولَاتِ. فَعَلَى هَذَا، لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَعَلَيْهَا الْقِيمَةُ. وَالثَّانِي وَبِهِ قَالَ ابْنُ خَيْرَانَ: يَصِحُّ ; لِأَنَّ الْقِيمَةَ لَمْ تَثْبُتْ مَقْصُودَةً، وَكَمَا لَوْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا جَهِلًا قِيمَتَهُ. وَلَوْ أَتْلَفَتِ امْرَأَةٌ عَلَى رَجُلٍ عَبْدًا، فَتَزَوَّجَهَا بِقِيمَتِهِ الْمَجْهُولَةِ، فَسَدَ الصَّدَاقُ قَطْعًا، وَرَجَعَتْ إِلَى مَهْرِ الْمِثْلِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَلَوْ طُرِّدَ الْوَجْهَانِ هُنَا لَكَانَ قِيَاسًا، وَلَوْ نَكَحَهَا الْمُعْتِقُ عَلَى أَنْ يَكُونَ عِتْقُهَا صَدَاقَهَا، فَسَدَ الصَّدَاقُ لِأَنَّ الْعِتْقَ قَدْ تَقَرَّرَ فَلَا يَكُونُ صَدَاقًا لِنِكَاحٍ مُتَأَخِّرٍ. وَفِي «الرَّقْمِ» لِلْعَبَّادِيِّ وَجْهٌ، أَنَّهُ يَصِحُّ، وَكَأَنَّهُ بِالشَّرْطِ جَعَلَ رَقَبَتَهَا صَدَاقًا، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ.

وَالْمُسْتَوْلَدَةُ، وَالْمُدَبَّرَةُ، وَالْمُكَاتَبَةُ، وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهَا، حُكْمُهُنَّ فِي الْإِعْتَاقِ عَلَى أَنْ يَنْكِحْنَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>