للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُلْتُ: الْإِيجَارُ أَصَحُّ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ. وَذَكَرَ الْغَزَالِيُّ فِي «الْفَتَاوَى» أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى إِجَارَةِ الْوَقْفِ مَا لَمْ يَظْهَرْ تَفَاوُتٌ بِسَبَبِ تَعْجِيلِ الْأُجْرَةِ إِلَى حَدٍّ لَا يَتَغَابَنُ بِهِ النَّاسُ فِي عَرْضِ قَضَاءِ الدَّيْنِ، وَالتَّخَلُّصِ مِنَ الْمُطَالَبَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ

إِذَا قَسَّمَ الْحَاكِمُ مَالَ الْمُفْلِسِ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ، فَهَلْ يَنْفَكُّ الْحَجْرُ بِنَفْسِهِ، أَمْ يَحْتَاجُ إِلَى فَكِّ الْحَاكِمِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: يَحْتَاجُ كَحَجْرِ السَّفَهِ. هَذَا إِنِ اعْتَرَفَ الْغُرَمَاءُ أَنْ لَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ. فَإِنِ ادَّعَوْا مَالًا آخَرَ، فَأَنْكَرَ، فَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ. وَلَوِ اتَّفَقَ الْغُرَمَاءُ عَلَى دَفْعِ الْحَجْرِ، فَهَلْ يَرْتَفِعُ كَالْمَرْهُونِ، أَمْ لَا يَرْتَفِعُ إِلَّا بِالْحَاكِمِ لِاحْتِمَالِ غَرِيمٍ آخَرَ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَلَوْ بَاعَ الْمُفْلِسُ مَالَهُ لِغَرِيمِهِ بِدَيْنِهِ وَلَا غَرِيمَ سِوَاهُ، أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِجَمَاعَةٍ، فَبَاعَهُمْ أَمْوَالَهُ بِدُيُونِهِمْ، فَهَلْ يَصِحُّ بِغَيْرِ إِذْنِ الْقَاضِي؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا بُدَّ مِنْ إِذْنِهِ. وَلَوْ بَاعَهُ لِغَرِيمِهِ بِعَيْنٍ أَوْ بِبَعْضِ دَيْنِهِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ ; لَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَضَمَّنُ ارْتِفَاعَ الْحَجْرِ عَنْهُ، بِخِلَافِ مَا إِذَا بَاعَ بِكُلِّ الدَّيْنِ، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الدَّيْنُ، وَإِذَا سَقَطَ، ارْتَفَعَ الْحَجْرُ. وَلَوْ بَاعَ لِأَجْنَبِيٍّ بِإِذْنِ الْغُرَمَاءِ لَمْ يَصِحَّ. وَقَالَ الْإِمَامُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَصِحَّ كَبَيْعِ الْمَرْهُونِ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ. الْحُكْمُ الثَّانِي: الرُّجُوعُ فِي عَيْنِ الْمَالِ، وَنُقْدِمُ عَلَيْهِ مَسَائِلُ.

إِحْدَاهَا: مَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِإِفْلَاسٍ، وَوَجَدَ مَنْ بَاعَهُ وَلَمْ يَقْبِضِ الثَّمَنَ مَتَاعَهُ عِنْدَهُ، فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ وَيَأْخُذَ عَيْنَ مَالِهِ، وَالْأَصَحُّ: أَنَّ هَذَا الْخِيَارَ عَلَى الْفَوْرِ، كَخِيَارِ الْعَيْبِ وَالْخُلْفِ. فَإِنْ عَلِمَ فَلَمْ يَفْسَخْ، بَطَلَ حَقُّهُ مِنَ الرُّجُوعِ فِي الْعَيْنِ. وَفِي وَجْهٍ: يَدُومُ كَخِيَارِ الْهِبَةِ لِلْوَلَدِ. وَفِي وَجْهٍ: يَدُومُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>