وَخَيَّرَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ السَّاعِيَ بَيْنَ الْقِسْمَةِ وَأَخْذِ الْقِيمَةِ، وَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خِلَافَ الْقَاعِدَةِ، وَاحْتَمَلَ لِلْحَاجَةِ، فَيَفْعَلُ مَا فِيهِ الْحَظُّ لِلْمَسَاكِينِ. ثُمَّ مَا ذَكَرْنَاهُ هُنَا مِنَ الْخِلَافِ، وَالتَّفْصِيلِ فِي إِخْرَاجِ الْوَاجِبِ، يَجْرِي بِعَيْنِهِ فِي إِخْرَاجِ الْوَاجِبِ عَنِ الرُّطَبِ الَّذِي لَا يَتَتَمَّرُ وَالْعِنَبِ الَّذِي لَا يَتَزَبَّبُ. وَفِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مُسْتَدْرَكٌ حَسَنٌ لِإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ. قَالَ: إِنَّمَا يَثُورُ الْإِشْكَالُ عَلَى قَوْلِنَا: الْمَسَاكِينُ شُرَكَاءُ فِي النِّصَابِ بِقَدَرِ الزَّكَاةِ، وَحِينَئِذٍ يَنْتَظِمُ التَّخْرِيجُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْقِسْمَةِ. فَأَمَّا إِذَا لَمْ نَجْعَلْهُمْ شُرَكَاءَ، فَلَيْسَ تَسْلِيمُ جُزْءٍ إِلَى السَّاعِي قِسْمَةً حَتَّى يَأْتِيَ فِيهِ الْقَوْلَانِ فِي الْقِسْمَةِ، بَلْ هُوَ تَوْفِيَةُ حَقٍّ إِلَى مُسْتَحِقٍّ.
قُلْتُ: لَوِ اخْتَلَفَ السَّاعِي وَالْمَالِكُ فِي جِنْسِ التَّمْرِ بَعْدَ تَلَفِهِ تَلَفًا مُضَمَّنًا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ. فَإِنْ أَقَامَ السَّاعِي شَاهِدِينَ أَوْ شَاهِدًا وَامْرَأَتَيْنِ، قُضِيَ لَهُ، وَإِنْ أَقَامَ شَاهِدًا فَلَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْلِفُ مَعَهُ، قَالَهُ الدَّارِمِيُّ. وَإِذَا خَرَصَ عَلَيْهِ، فَتَلِفَ بَعْضُهُ تَلَفًا يُسْقِطُ الزَّكَاةَ، وَأَكَلَ بَعْضُهُ وَبَقِيَ بَعْضُهُ، وَلَمْ يَعْرِفِ السَّاعِي مَا تَلِفَ، فَإِنْ عَرَفَ الْمَالِكُ مَا أَكَلَ، زَكَّاهُ مَعَ مَا بَقِيَ، فَإِنِ اتَّهَمَهُ، حَلَّفَهُ اسْتِحْبَابًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَوُجُوبًا عَلَى الْآخَرِ، وَإِنْ قَالَ: لَا أَعْرِفُ قَدْرَ مَا أَكَلْتُهُ وَلَا مَا تَلِفَ. قَالَ الدَّارِمِيُّ: قُلْنَا لَهُ: إِنْ ذَكَرْتَ قَدْرًا أَلْزَمْنَاكَ بِمَا أَقْرَرْتَ بِهِ، فَإِنِ اتَّهَمْنَاكَ حَلَّفْنَاكَ، وَإِنْ ذَكَرَتْ مُجْمَلًا، أَخَذْنَا الزَّكَاةَ بِخَرْصِنَا. قَالَ أَصْحَابُنَا: وَلَوْ خَرَصَ، فَأَقَرَّ الْمَالِكُ بِأَنَّهُ زَادَ عَلَى الْمَخْرُوصِ، أَخَذْنَا الزَّكَاةَ مِنَ الزِّيَادَةِ، سَوَاءٌ كَانَ ضَمِنَ أَمْ لَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
بَابُ زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ
لَا زَكَاةَ فِيهِمَا فِيمَا دُونَ النِّصَابِ. وَنِصَابُ الْفِضَّةِ مِائَتَا دِرْهَمٍ. وَالذَّهَبُ: عِشْرُونَ مِثْقَالَا، وَزَكَاتُهُمَا رُبُعُ الْعُشْرِ، وَيَجِبُ فِيمَا زَادَ عَلَى النِّصَابِ مِنْهُمَا بِحِسَابِهِ، قَلَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute