مِنْهُمْ صَاحِبُ «الشَّامِلِ» بِأَنَّهُ يَبْطُلُ الْبَيْعُ، وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّهْنِ بَعْدَ الْقَبْضِ، بِأَنَّ الرَّهْنَ عَادَ تَبَعًا لِمِلْكِ الرَّاهِنِ، وَهُنَا يَعُودُ مِلْكَ الْبَائِعِ لِعَدَمِ الْبَيْعِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَبِيعَ مِلْكَ الْمُشْتَرِي. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ جَنَى الْمَرْهُونَ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَتَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ أَرْشٌ، وَقُلْنَا: رَهْنُ الْجَانِي ابْتِدَاءً فَاسِدٌ، فَفِي بُطْلَانِ الرَّهْنِ وَجْهَانِ، كَتَخَمُّرِ الْعَصِيرِ، وَهُنَا أَوْلَى بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ، لِدَوَامِ الْمِلْكِ فِي الْجَانِي. قَالَ الْإِمَامُ: وَإِبَاقُ الْمَرْهُونِ قَبْلَ الْقَبْضِ يَخْرُجُ عَلَى وَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّهُ انْتَهَى إِلَى حَالَةٍ تَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الرَّهْنِ.
قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا: لَا يَبْطُلُ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
فِي تَخَلُّلِ الْخَمْرِ وَتَخْلِيلِهَا
الْخَمْرُ نَوْعَانِ. أَحَدُهُمَا: مُحْتَرَمَةٌ، وَهِيَ الَّتِي اتُّخِذَ عَصِيرُهَا لِيَصِيرَ خَلًّا، وَإِنَّمَا كَانَتْ مُحْتَرَمَةً؛ لِأَنَّ اتِّخَاذَ الْخَلِّ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَا يَنْقَلِبُ الْعَصِيرُ إِلَى الْحُمُوضَةِ إِلَّا بِتَوَسُّطِ الشِّدَّةِ، فَلَوْ لَمْ يُحْتَرَمْ وَأُرِيقَ فِي تِلْكَ الْحَالِ، لَتَعَذَّرَ اتِّخَاذُ الْخَلِّ. النَّوْعُ الثَّانِي: غَيْرُ مُحْتَرَمَةٍ، وَهِيَ الَّتِي اتِّخَاذُ عَصِيرِهَا لِلْخَمْرِيَّةِ. ثُمَّ فِي النَّوْعَيْنِ مَسَائِلُ.
إِحْدَاهَا: تَخْلِيلُ الْخَمْرِ بِطَرْحِ الْعَصِيرِ، أَوِ الْمِلْحِ، أَوِ الْخَلِّ، أَوِ الْخُبْزِ الْحَارِّ، أَوْ غَيْرِهَا
[فِيهَا] حَرَامٌ. وَالْخَلُّ الْحَاصِلُ مِنْهَا نَجِسُّ لِعِلَّتَيْنِ إِحْدَاهُمَا: تَحْرِيمُ التَّخْلِيلِ. وَالثَّانِيَةُ: نَجَاسَةُ الْمَطْرُوحِ بِالْمُلَاقَاةِ، فَتَسْتَمِرُّ نَجَاسَتُهُ، إِذْ لَا مُزِيلَ لَهَا، وَلَا ضَرُورَةَ إِلَى الْحُكْمِ بِانْقِلَابِهِ طَاهِرًا، بِخِلَافِ أَجْزَاءِ الدَّنِّ. ثُمَّ سَوَاءٌ فِي هَذَا الْخَمْرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute