فَلَوْ جَامَعَ بَعْدَ الْبُلُوغِ فِيهِ، لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ. وَفِيهِ وَجْهٌ حُكِيَ عَنِ ابْنِ سُرَيْجٍ: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إِتْمَامُهُ، وَيَجِبُ الْقَضَاءُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ الْفَرْضَ.
وَإِنْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا، فَوَجْهَانِ. وَقِيلَ: قَوْلَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا قَضَاءَ، لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ، وَالثَّانِي: يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ، كَمَنْ أَدْرَكَ جُزْءًا مِنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ.
وَأَمَّا الْمَجْنُونُ إِذَا أَفَاقَ، وَالْكَافِرُ إِذَا أَسْلَمَ، فَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُمَا كَالصَّبِيِّ الْمُفْطِرِ، فَلَا قَضَاءَ عَلَى الْأَصَحِّ.
وَقِيلَ: يَقْضِي الْكَافِرُ دُونَ الْمَجْنُونِ، وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ «التَّهْذِيبِ» . قَالَ الْأَصْحَابُ: الْخِلَافُ فِي الْقَضَاءِ فِي هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ، مُتَعَلِّقٌ بِالْخِلَافِ فِي إِمْسَاكِهِمْ تَشَبُّهًا. ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ تَعَلُّقِهِ، فَقَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ: مَنْ أَوْجَبَ التَّشَبُّهَ، لَمْ يُوجِبِ الْقَضَاءَ، وَمَنْ يُوجِبُ الْقَضَاءَ، لَا يُوجِبُ التَّشَبُّهَ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: مَنْ أَوْجَبَ الْقَضَاءَ، أَوْجَبَ الْإِمْسَاكَ، وَمَنْ لَا، فَلَا. وَقَالَ آخَرُونَ: مَنْ أَوْجَبَ الْإِمْسَاكَ، أَوْجَبَ الْقَضَاءَ، وَمَنْ لَا، فَلَا.
فَرْعٌ
الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ، إِذَا طَهُرَتَا فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ، الْمَذْهَبُ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُمَا الْإِمْسَاكُ. وَنَقَلَ الْإِمَامُ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ. وَحَكَى صَاحِبُ «الْمُعْتَمَدِ» : طَرْدَ الْخِلَافِ فِيهِمَا.
فَصْلٌ
أَيَّامُ رَمَضَانَ مُتَعَيِّنَةٌ لِصَوْمِهِ، فَلِلْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ، التَّرَخُّصُ بِالْفِطْرِ، وَلَهُمَا الصِّيَامُ عَنْ رَمَضَانَ، وَلَيْسَ لَهُمَا الصَّوْمُ فِيهِ عَنْ فَرْضٍ آخَرَ، وَلَا تَطَوُّعًا. وَهَكَذَا قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ، وَحَكَى إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ خِلَافًا فِيمَنْ أَصْبَحَ فِي يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute