وَإِنْ أَجَازَهَا، اسْتَقَرَّتِ الْأُجْرَةُ، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ ثَوْبٍ مَقْصُورٍ. وَصَبْغُ الثَّوْبِ بِصَبْغِ صَاحِبِ الثَّوْبِ كَالْقَصَّارِ. وَإِنِ اسْتَأْجَرَهُ لِيَصْبُغَ بِصَبْغٍ مِنْ عِنْدِهِ، قَالَ الْمُتَوَلِّي: هُوَ جَمْعٌ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ، فَفِيهِ الْخِلَافُ الْمَعْرُوفُ. وَسَوَاءٌ صَحَّ، أَمْ لَمْ يَصِحَّ، فَإِذَا هَلَكَ الثَّوْبُ عِنْدَهُ، سَقَطَتْ قِيمَةُ الصَّبْغِ. وَسُقُوطُ الْأُجْرَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْقِصَارَةِ.
فَرْعٌ
سَلَّمَ ثُوبًا إِلَى قَصَّارٍ لِيُقَصِّرَهُ، فَجَحَدَهُ ثُمَّ أَتَى بِهِ مَقْصُورًا، اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ إِنْ قَصَّرَهُ ثُمَّ جَحَدَ، [وَإِنْ جَحَدَ] ثُمَّ قَصَّرَهُ، فَوَجْهَانِ، لِأَنَّهُ عَمِلَ لِنَفْسِهِ.
قُلْتُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَصَحُّهُمَا: الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَقْصِدَ بِعَمَلِهِ لِنَفْسِهِ فَلَا أُجْرَةَ، أَوْ يَقْصِدَ عَمَلَهُ عَنِ الْإِجَارَةِ الْوَاجِبَةِ فَيَسْتَحِقَّ الْأُجْرَةَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
الْمُسْتَأْجِرُ يَضْمَنُ بِالتَّعَدِّي، بِأَنْ ضَرَبَ الدَّابَّةَ أَوْ كَبَحَهَا فَوْقَ الْعَادَةِ، وَعَادَةُ الضَّرْبِ تَخْتَلِفُ فِي حَقِّ الرَّاكِبِ، وَالرَّائِضِ، وَالرَّاعِي، فَكَلٌّ يُرَاعَى فِيهِ عَادَةُ أَمْثَالِهِ، وَيُحْتَمَلُ فِي الْأَجِيرِ لِلرِّيَاضَةِ وَالرَّعِي مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي الْمُسْتَأْجِرِ لِلرُّكُوبِ.
وَأَمَّا الضَّرْبُ الْمُعْتَادُ، إِذَا أَفْضَى إِلَى تَلَفٍ، فَلَا يُوجِبُ ضَمَانًا، وَيُخَالِفُ ضَرْبَ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَأْدِيبُهَا بِغَيْرِ الضَّرْبِ. وَلَوْ نَامَ بِاللَّيْلِ فِي الثَّوْبِ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ، أَوْ نَقَلَ فِيهِ التُّرَابَ، أَوْ أَلْبَسَهُ عَصَّارًا، أَوْ دَبَّاغًا، أَوْ غَيْرَهُمَا مِمَّنْ هُوَ دُونَ حَالِهِ، أَوْ أَسْكَنَ الدَّارَ قَصَّارًا أَوْ حَدَّا دًا أَوْ غَيْرَهُمَا مِمَّنْ هُوَ أَشَدُّ ضَرَرًا مِنْهُ، أَوْ أَرْكَبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute