كِتَابُ دَعْوَى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ وَالشَّهَادَةِ عَلَى الدَّمِ
فِيهِ ثَلَاثَةٌ أَبْوَابٍ:
الْأَوَّلُ: فِي الدَّعْوَى وَلَهَا خَمْسَةُ شُرُوطٍ، أَحَدُهَا: تَعْيِينُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، بِأَنِ ادَّعَى الْقَتْلَ عَلَى شَخْصٍ أَوْ جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ، فَهِيَ مَسْمُوعَةٌ، وَإِذَا ذَكَرَهُمْ لِلْقَاضِي، وَطَلَبَ إِحْضَارَهُمْ، أَجَابَهُ، إِلَّا إِذَا ذَكَرَ جَمَاعَةً لَا يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى الْقَتْلِ، فَلَا يُحْضِرُهُمْ، وَلَا يُبَالِي بِقَوْلِهِ، فَإِنَّهُ دَعْوَى مُحَالٍ، وَلَوْ قَالَ: قَتَلَ أَبِي أَحَدُ هَذَيْنِ، أَوْ وَاحِدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ الْعَشَرَةِ، وَطَلَبَ مِنَ الْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَهُمْ، وَيُحَلِّفَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، فَهَلْ يُجِيبُهُ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: لَا، وَبِهِ قَطَعَ جَمَاعَةٌ لِلْإِبْهَامِ، كَمَنِ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى أَحَدِ رَجُلَيْنِ، وَالثَّانِي: نَعَمْ، لِلْحَاجَةِ وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِمْ فِي يَمِينٍ صَادِقَةٍ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي دَعْوَى الْغَصْبِ وَالْإِتْلَافِ وَالسَّرِقَةِ، وَأَخْذِ الضَّالَّةِ عَلَى أَحَدِ رَجُلَيْنِ أَوْ رِجَالٍ، وَلَا يَجْرِي فِي دَعْوَى قَرْضٍ وَبَيْعِ سَائِرِ الْمُعَامَلَاتِ ; لِأَنَّهَا تَنْشَأُ بِاخْتِيَارِ الْمُتَعَاقِدِينَ، وَشَأْنُهَا أَنْ يَضْبِطَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَقِيلَ بِطَرْدِ الْخِلَافِ فِي الْمُعَامَلَاتِ، وَقِيلَ بِقَصْرِهِ عَلَى دَعْوَى الدَّمِ لِعِظَمِ خَطَرِهَا، فَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْجَمَاعَةُ الَّتِي ادَّعَى عَلَيْهِمُ الْقَتْلَ حَاضِرِينَ، وَطَلَبَ إِحْضَارَهُمْ، فَفِي إِجَابَتِهِ الْوَجْهَانِ، وَلَوْ قَالَ: قَتَلَهُ أَحَدُهُمْ، وَلَمْ يَطْلُبْ إِحْضَارَهُمْ لِيُسْأَلُوا، وَيَعْرِضَ عَلَيْهِمُ الْيَمِينَ، لَمْ يُحْضِرْهُمُ الْقَاضِي، وَلَمْ يُبَالِ بِكَلَامِهِ، هَكَذَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي، وَذَكَرَ أَنَّ الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إِذَا تَعَلَّقَتِ الدَّعْوَى بِوَاحِدٍ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute