للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

يُشْتَرَطُ فِي الْحُكْمُ بِثُبُوتِ مِلْكِ الْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ بِهِ تَحْتَ يَدِ الْمُقِرِّ وَتَصَرُّفِهِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ، لَمْ يُحْكَمْ بِهِ فِي الْحَالِ، بَلْ يَكُونُ ذَلِكَ دَعْوَى أَوْ شَهَادَةً، وَلَا تَلْغِيَةَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ لَوْ حَصَلَ الْمُقَرُّ بِهِ يَوْمًا فِي يَدِ الْمُقِرِّ، لَزِمَهُ تَسْلِيمُهُ إِلَيْهِ. وَلَوْ قَالَ: الْعَبْدُ الَّذِي فِي يَدِ زَيْدٍ مَرْهُونٌ عِنْدَ عَمْرٍو بِكَذَا، ثُمَّ حَصَلَ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ، يُؤْمَرُ بِبَيْعِهِ فِي دَيْنِ عَمْرٍو. وَلَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ فِي يَدِ رَجُلٍ، أَوْ شَهِدَ بِحُرِّيَّتِهِ، فَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ صَحَّ، تَنْزِيلًا لِلْعَقْدِ عَلَى قَوْلِ مَنْ صَدَّقَهُ الشَّرْعُ، وَهُوَ الْبَائِعُ، وَيُحْكَمُ بِحُرِّيَّتِهِ، وَتُرْفَعُ يَدُهُ عَنْهُ ثُمَّ لِإِقْرَارِهِ صِيغَتَانِ.

إِحْدَاهُمَا: أَنْ يَقُولَ: إِنَّكَ أَعْتَقْتَهُ وَتَسْتَرِقُّهُ ظُلْمًا، قَالَ الْأَصْحَابُ: فَيَكُونُ هَذَا الْعَقْدُ مِنْ جَانِبِ الْبَائِعِ بَيْعًا قَطْعًا، وَفِي جَانِبِ الْمُشْتَرِي وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: شِرَاءٌ. وَأَصَحُّهُمَا: افْتِدَاءٌ؛ لِاعْتِرَافِهِ بِحُرِّيَّتِهِ. وَحَكَى الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ، أَصَحُّهَا: بَيْعٌ مِنَ الْبَائِعِ، وَافْتِدَاءٌ مِنَ الْمُقِرِّ.

وَالثَّانِي: بَيْعٌ مِنْهُمَا.

وَالثَّالِثُ: فِدَاءٌ مِنْهُمَا. وَهَذَا الثَّالِثُ فَاسِدٌ فِي جِهَةِ الْبَائِعِ. وَكَيْفَ يَصِحُّ أَخْذُهُ الْمَالَ لِيَفْدِيَ مَنْ يَسْتَرِقُّهُ؟ ! وَلَوْ قِيلَ: فِيهِ الْمَعْنَيَانِ، وَأَيُّهُمَا أَغْلَبُ؟ فِيهِ الْخِلَافُ، لَكَانَ قَرِيبًا، وَالْمُعْتَمَدُ مَا ذَكَرْنَا عَنِ الْأَصْحَابِ. وَيَثْبُتُ لِلْبَائِعِ فِي هَذَا الْعَقْدِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ، بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، أَنَّهُ بَيْعٌ مِنْ جَانِبِهِ. وَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ، فَخَرَجَ مَعِيبًا وَرَدَّهُ كَانَ لَهُ اسْتِرْدَادُ الْعَبْدِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ خَرَجَ الثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ مَعِيبًا وَرَدَّهُ، حَيْثُ لَا يَسْتَرِدُّ الْعَبْدَ، بَلْ يَعْدِلُ إِلَى الْقِيمَةِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى الْعِتْقِ هُنَاكَ. وَأَمَّا الْمُقِرُّ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ جَعَلْنَاهُ شِرَاءً فِي حَقِّهِ، فَلَهُ الْخِيَارُ. وَإِنْ قُلْنَا: فِدَاءٌ فَلَا. وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ: لَا رَدَّ لَهُ لَوْ خَرَجَ الْعَبْدُ مَعِيبًا، لَكِنْ لَهُ أَخْذُ الْأَرْشِ عَلَى قَوْلِنَا: شِرَاءٌ، وَلَيْسَ لَهُ عَلَى الِافْتِدَاءِ، وَذَكَرَ الْإِمَامُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَثْبُتِ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي، فَفِي ثُبُوتِهِ لِلْبَائِعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>