ثَمَنٍ، فَقَالَ: دَيْنِي الَّذِي عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو، فَهُوَ بَاطِلٌ. وَلَوْ قَالَ: الدَّيْنُ الَّذِي عَلَى زَيْدٍ هُوَ لِعَمْرٍو، وَاسْمِي فِي الْكِتَابِ عَارِيَّةٌ، فَهُوَ إِقْرَارٌ صَحِيحٌ، فَلَعَلَّهُ كَانَ وَكِيلًا عَنْهُ فِي الْإِقْرَاضِ وَالْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ. ثُمَّ عَمْرٌو يَدَّعِي الْمَالَ عَلَى زَيْدٍ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ أَنْكَرَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى دَيْنِ الْمُقِرِّ عَلَى زَيْدٍ، ثُمَّ عَلَى إِقْرَارِهِ لَهُ بِمَا عَلَى زَيْدٍ، وَبَيْنَ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَوَّلًا عَلَى الْإِقْرَارِ، ثُمَّ عَلَى الدَّيْنِ، كَذَا ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ.
فَرْعٌ
اسْتَثْنَى صَاحِبُ التَّلْخِيصِ ثَلَاثَةَ دُيُونٍ، وَمَنَعَ الْإِقْرَارَ بِهَا، أَحَدُهَا: الصَّدَاقُ فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ، لَا تُقِرُّ بِهِ الْمَرْأَةُ.
وَالثَّانِي: بَدَلُ الْخُلْعِ فِي ذِمَّةِ الزَّوْجَةِ، لَا يُقِرُّ بِهِ الزَّوْجُ.
وَالثَّالِثُ: أَرْشُ الْجِنَايَةِ، لَا يُقِرُّ بِهِ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ. فَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ عَلَى عَبْدٍ أَوْ مَالِ آخَرَ، جَازَ لَهُ أَنْ يُقِرَّ بِهِ لِلْغَيْرِ؛ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ لَهُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ. قَالَ الْأَئِمَّةُ: هَذِهِ الدُّيُونُ، وَإِنْ لَمْ يُتَصَوَّرْ فِيهَا الثُّبُوتُ لِلْغَيْرِ ابْتِدَاءً وَتَقْدِيرًا لِلْوَكَالَةِ، فَيَجُوزُ انْتِقَالُهَا بِالْحَوَالَةِ، وَكَذَلِكَ بِالْبَيْعِ عَلَى قَوْلٍ، فَيَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِهَا عِنْدَ احْتِمَالِ جَرَيَانِ نَاقِلٍ. وَحَمَلُوا مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ عَلَى مَا إِذَا أَقَرَّ بِهَا عَقِيبَ ثُبُوتِهَا، بِحَيْثُ لَا يُحْتَمَلُ جَرَيَانُ نَاقِلٍ، لَكِنَّ سَائِرَ الدُّيُونِ أَيْضًا كَذَلِكَ، فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ، بَلِ الْأَعْيَانُ أَيْضًا بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ. حَتَّى لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ، ثُمَّ أَقَرَّ لَهُ السَّيِّدُ أَوْ غَيْرُهُ عَقِيبَ الْإِعْتَاقِ بِدَيْنٍ أَوْ غَيْرِهِ، لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ أَهْلِيَّةَ الْمِلْكِ لَمْ تَثْبُتْ لَهُ إِلَّا فِي الْحَالِ، وَلَمْ يَجْرِ بَيْنَهُمَا مَا يُوجِبُ الْمَالَ. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْجُرْجَانِيُّ فِي الدُّيُونِ الثَّلَاثَةِ: إِنْ أَسْنَدَ الْإِقْرَارَ بِهَا إِلَى جِهَةِ حَوَالَةٍ أَوْ بَيْعٍ، إِنْ جَوَّزْنَاهُ صَحَّ، وَإِلَّا فَعَلَى قَوْلَيْنِ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ لِلْحَمْلِ وَأَطْلَقَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute