للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْجَرَادِ رُءُوسَ الزَّرْعِ، فَنَبَتَ ثَانِيًا فَتَأَخَّرَ لِذَلِكَ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْقَلْعِ، بَلْ عَلَى الْمَالِكِ الصَّبْرُ إِلَى الْإِدْرَاكِ مَجَّانًا أَوْ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ. وَقِيلَ: لَهُ قَلْعُهُ مَجَّانًا، لِخُرُوجِهِ عَنِ الْمُدَّةِ.

السَّبَبُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الزَّرْعُ الْمُعَيَّنُ بِحَيْثُ لَا يُدْرَكُ فِي الْمُدَّةِ، بِأَنِ اسْتَأْجَرَ لِزِرَاعَةِ الْحِنْطَةِ شَهْرَيْنِ. فَإِنْ شَرَطَا الْقَلْعَ بَعْدَ الْمُدَّةِ، جَازَ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ الْقَصِيلَ. ثُمَّ لَوْ تَرَاضَيَا عَلَى الْإِبْقَاءِ مَجَّانًا أَوْ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، جَازَ، فَإِنْ شَرَطَا الْإِبْقَاءَ، فَسَدَ الْعَقْدُ، لِلتَّنَاقُضِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْقِيتِ، وَلِجَهَالَةِ مُدَّةِ الْإِدْرَاكِ، وَيَجِيءُ فِيهِ خِلَافٌ سَنَذْكُرُهُ قَرِيبًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَإِذَا فَسَدَ الْعَقْدُ، فَلِلْمَالِكِ مَنْعُهُ مِنَ الزِّرَاعَةِ، لَكِنْ لَوْ زَرَعَ، لَمْ يَقْلَعْ مَجَّانًا، لِلْإِذْنِ، بَلْ يَأْخُذُ مِنْهُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لِجَمِيعِ الْمُدَّةِ. وَإِنْ أَطْلَقَا الْعَقْدَ، وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِقَلْعٍ وَلَا إِبْقَاءٍ، صَحَّ الْعَقْدُ عَلَى الْأَصَحِّ. فَعَلَى هَذَا، إِنْ تَوَافَقَا بَعْدَ الْمُدَّةِ عَلَى إِبْقَائِهِ مَجَّانًا أَوْ بِأُجْرَةٍ، فَذَاكَ. وَإِنْ أَرَادَ الْمَالِكُ إِجْبَارَهُ عَلَى الْقَلْعِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَفَّالِ، لِأَنَّ الْعَادَةَ فِيهِ الْإِبْقَاءُ. وَعَلَى هَذَا، فَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لِلزِّيَادَةِ. وَقِيلَ: لَا، لِأَنَّهُ فِي مَعْنًى مُعِيرٍ لِلزِّيَادَةِ. وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ السَّرَخْسِيُّ: إِذَا قُلْنَا: لَا يَقْلَعُ بَعْدَ الْمُدَّةِ، لَزِمَ تَصْحِيحُ الْعَقْدِ إِذَا شُرِطَ الْإِبْقَاءُ بَعْدَ الْمُدَّةِ، وَكَأَنَّهُ صَرَّحَ بِمُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ، وَهَذَا حَسَنٌ. أَمَّا إِذَا اسْتَأْجَرَ لِلزِّرَاعَةِ مُطْلَقًا وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ وَهُوَ صِحَّتُهُ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَزْرَعَ مَا يُدْرَكُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ. فَإِنْ زَرَعَهُ وَتَأَخَّرَ إِدْرَاكُهُ لِتَقْصِيرٍ أَوْ لِغَيْرِهِ، فَعَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الزَّرْعِ الْمُعَيَّنِ. وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَزْرَعَ مَا لَا يُدْرَكُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، فَلِلْمَالِكِ مَنْعُهُ. فَلَوْ زَرَعَ، لَمْ يُقْلَعْ إِلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ. وَقَالَ صَاحِبُ «الْمُهَذَّبِ» يُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُمْنَعَ مِنْ زَرْعِهِ، كَمَا لَا يُقْلَعَ إِذَا زُرِعَ.

فَصْلٌ

اسْتَأْجَرَ لِلْبِنَاءِ أَوِ الْغِرَاسِ، فَإِنْ شُرِطَ الْقَلْعُ، صَحَّ الْعَقْدُ، وَلَزِمَ الْمُسْتَأْجِرَ الْقَلْعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>