قُلْتُ: هَذَانِ الْمَذْهَبَانِ مَشْهُورَانِ لِأَهْلِ اللُّغَةِ غَيْرُ مُخْتَصَّيْنِ بِالْمَذْكُورِينَ، لَكِنَّ أَكْثَرَ مَنْ جَعَلَهُمْ عَشِيرَتَهُ خَصَّهُمْ بِالْأَقْرَبِينَ، قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: قَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ: عِتْرَتُهُ: عَشِيرَتُهُ الْأَدْنَوْنَ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: عِتْرَتُهُ: نَسْلُهُ وَرَهْطُهُ الْأَدْنَوْنَ. وَقَالَ الزُّبَيْرِيُّ: عِتْرَتُهُ: أَقْرِبَاؤُهُ مِنْ وَلَدٍ، وَغَيْرِهِ، وَمُقْتَضَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ أَنَّهُ يُدْخِلُ ذُرِّيَّتَهُ عَشِيرَتَهُ الْأَدْنَوْنَ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ الْمُخْتَارُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْعَاشِرَةُ: قَالَ: عَلَى عَشِيرَتِي، فَهُوَ كَقَوْلِهِ: عَلَى قَرَابَتِي. وَإِذَا قَالَ: عَلَى قَرَابَتِي، أَوْ أَقْرَبِ النَّاسِ إِلَيَّ، فَعَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ فِي الْوَصِيَّةِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: قَوْلُهُ: عَلَى قَبِيلَتِي، أَوْ عَشِيرَتِي، لَا يَدْخُلُ فِيهِ إِلَّا قَرَابَةُ الْأَبِ، ثُمَّ إِذَا كَانُوا غَيْرَ مَحْصُورِينَ، فَفِيهِمُ الْخِلَافُ السَّابِقُ، ثُمَّ مَنْ حَدَثَ بَعْدَ الْوَقْفِ يُشَارِكُونَ الْمَوْجُودِينَ عِنْدَ الْوَقْفِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَعَنِ الْبُوَيْطِيِّ مَنْعُهُ.
الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: اسْمُ الْمَوْلَى يَقَعُ عَلَى الْمُعْتِقِ، وَيُقَالُ لَهُ: الْمَوْلَى الْأَعْلَى، وَعَلَى الْعَتِيقِ، وَيُقَالُ لَهُ: الْمَوْلَى الْأَسْفَلُ، فَإِذَا وَقَفَ عَلَى مَوَالِيهِ، وَلَيْسَ لَهُ إِلَّا أَحَدُهُمَا، فَالْوَقْفُ عَلَيْهِ، وَإِنْ وُجِدَا جَمِيعًا، فَهَلْ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا، أَمْ يَخْتَصُّ بِهِ الْأَعْلَى، أَمِ الْأَسْفَلُ، أَمْ يَبْطُلُ الْوَقْفُ؟ فِيهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ: أَصَحُّهَا فِي «التَّنْبِيهِ» الْأَوَّلُ، وَفِي «الْوَجِيزِ» الرَّابِعُ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ الْأَوَّلُ، وَقَدْ صَحَّحَهُ أَيْضًا الْجُرْجَانِيُّ فِي «التَّحْرِيرِ» ، وَحَكَى الدَّارِمِيُّ وَجْهًا خَامِسًا، أَنَّهُ مَوْقُوفٌ حَتَّى يَصْطَلِحُوا، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
يُرْعَى شَرْطُ الْوَاقِفِ فِي الْأَقْدَارِ، وَصِفَاتِ الْمُسْتَحِقِّينَ، وَزَمَنِ الِاسْتِحْقَاقِ. فَإِذَا وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ، وَشَرَطَ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، أَوْ تَفْضِيلَ أَحَدِهِمَا، اتُّبِعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute