عَلَى الْقَوْلَيْنِ، إِذَا كَانَ الْغَالِبُ أَنَّهُ يَأْكُلُ مِنْهُ.
وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِالْمَنْعِ، لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَغْرِيرٌ، وَلَا حَمْلٌ عَلَى الْأَكْلِ، وَإِنَّمَا وُجِدَ مِنْهُ إِتْلَافُ طَعَامِهِ، فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ، وَلَوْ دَسَّهُ فِي طَعَامِ نَفْسِهِ فَدَخَلَ شَخْصٌ دَارَهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَأَكَلَهُ، فَلَا ضَمَانَ.
فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ مِمَّنْ يَدْخُلُ دَارَهُ، وَيَأْكُلُ انْبِسَاطًا، فَهَلْ يَجْرِي الْقَوْلَانِ فِي الْقِصَاصِ، أَمْ يُقْطَعُ بِنَفْيِهِ؟ طَرِيقَانِ.
فَصْلٌ
فِيمَا إِذَا جَرَى سَبَبٌ وَقَدَرَ الْمَقْصُودُ عَلَى دَفْعِهِ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
إِحْدَاهَا: جَرَحَهُ جِرَاحَةً مُهْلِكَةً، فَلَمْ يُعَالِجْهَا الْمَجْرُوحُ حَتَّى مَاتَ، وَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَى الْجَارِحِ، لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْجِرَاحَةِ مُهْلِكٌ، بِخِلَافِ مَا لَوْ حَبَسَهُ وَالطَّعَامُ عِنْدَهُ فَلَمْ يَأْكُلْ حَتَّى مَاتَ، لَأَنَّ الْحَبْسَ بِمَجْرَدِهِ لَيْسَ مُهْلِكًا.
الثَّانِيَةُ: غَرَّقَهُ فِي مَاءٍ، فَإِنْ أَمْسَكَهُ فِيهِ حَتَّى مَاتَ، أَوْ تَرَكَهُ وَفِيهِ حَيَاةٌ، وَلَكِنْ تَأَلَّمَ بِهِ، وَبَقِيَ مُتَأَلِّمًا حَتَّى مَاتَ، فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ، وَإِنْ أَلْقَاهُ فِي الْمَاءِ، فَمَاتَ بِهِ، نُظِرَ إِنْ كَانَ الْمَاءُ بِحَيْثُ لَا يُتَوَقَّعُ الْخَلَاصُ مِنْهُ كَلُجَّةِ الْبَحْرِ الَّتِي لَا تَنْفَعُ فِيهَا السِّبَاحَةُ، وَجَبَ الْقِصَاصُ، سَوَاءٌ كَانَ الْمُلْقَى يُحْسِنُ السِّبَاحَةَ أَمْ لَا، وَإِنْ كَانَ يُتَوَقَّعُ الْخَلَاصُ مِنْهُ.
فَإِنْ كَانَ قَلِيلًا لَا يُعَدُّ مِثْلُهُ مُغْرِقًا، بِأَنْ كَانَ رَاكِدًا فِي مَوْضِعٍ مُنْبَسِطٍ، فَمَكَثَ الْمُلْقَى فِيهِ مُضْطَجِعًا، أَوْ مُسْتَلْقِيًا حَتَّى هَلَكَ، فَلَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ، فَإِنَّهُ الْمُهْلِكُ نَفْسَهُ، وَمِثْلُهُ لَوْ فَصَدَهُ فَلَمْ يَعْصِبْ نَفْسَهُ حَتَّى مَاتَ، لَأَنَّ الدَّفْعَ مَوْثُوقٌ بِهِ، لَكِنْ لَوْ كَتَّفَهُ وَأَلْقَاهُ عَلَى هَيْئَةٍ لَا يُمْكِنُهُ الْخَلَاصُ، فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ، وَإِنْ كَانَ يُعَدُّ مُغْرِقًا كَالْأَنْهَارِ الْكِبَارِ الَّتِي لَا يَخْلُصُ مِنْهَا إِلَّا بِالسِّبَاحَةِ، فَإِنْ كَانَ الْمُلْقَى مَكْتُوفًا، أَوْ صَبِيًّا، أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute